أهم الأخبار

سذاجة تصور أن الخطر الصهيوني هو على الفلسطينيين فقط

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

فايز رشيد

على شاكلة اقتراح الرئيس القذافي، باتحاد الفلسطينيين مع "إسرائيل" وتشكيل دولة "إسراطين" ها هو أحدهم، ممن أنعم الله عليهم حدّ امتلاك قناة فضائية (بالمشاركة مع من اتُّهم بسرقة الملايين من الأموال الفلسطينية) يدعو إلى اندماج الفلسطينيين باليهود في دولتهم "إسرائيل"، وانضمامها إلى الجامعة العربية.

 ويدعو إلى ما ردده شيمعون بيريز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" بضرورة "تزاوج العقل اليهودي مع المال العربي" لتغيير وجه المنطقة.

إن هؤلاء الذين يفتون، يجهلون حقيقة العدو، ولم يقرؤوا عنه حتى "ربع صفحة" سنويا، وهي معدل قراءة الفرد العربي العادي، فما بالك بالذي يتصدر الإفتاء ويحاول تقديم حلول لا تثير سوى الضحك؟

هل الخطر الصهيوني مقتصر على فلسطين وحدها فقط؟ هل انتهى مشروع دولة "إسرائيل الكبرى"؟ وهل وهل؟ أسئلة ستحاول هذه المقالة الإجابة عنها وباختصار.

قال موشيه دايان في أحد لقاءاته: "إذا لم نجتح الدول العربية بالدبابات فسنجتاحها بالجرافات".

 يتحدث نتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس" عن الظلم البريطاني لليهود باقتطاع الأردن من "الوطن التاريخي اليهودي".

"إسرائيل" ترفض رفضا قاطعا ترسيم حدود دولتها حتى اللحظة أما لماذا؟ فللأسباب التالية:

 أن الترسيم سيحدد مصادرتها لأراض جديدة، أنه سيمنعها من سن القوانين العنصرية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وسن القوانين التشريعية المنتهكة لحقوقهم، وسرقة الأراضي العربية (هضبة الجولان مثلا).. أن المؤسسة العسكرية ترفض رفضا قاطعا ترسيم حدود الدولة، لأن ذلك سيمنعها من ممارسة العدوان على الدول العربية. وأنه سيحد من عودة يهود العالم إلى وطنهم التاريخي.. أن الترسيم سيثير المزيد من الانقسامات وتحديدا حول مصادر التشريع، بين المتشددين اليهود (ونسبتهم في الشارع تتعاظم يوما بعد يوم، وهناك تقديرات أن نسبتهم ستبلغ 62 ـ عام 2025) وبين باقي الأطراف في الحركة الصهيونية التي تنادي بانكفاء "اسرائيل" على الذات، حتى تحين الظروف الملائمة لإعادة طرح المشروع.. أن الترسيم سيفاقم من بروز السؤال، الذي لم تجر الإجابة عليه حتى اليوم، وهو تحديد تعريف من هو اليهودي؟ قائد عسكري "إسرائيلي" أجاب عندما سُئل عن رفض "إسرائيل" ترسيم حدود دولتها بـ"أن حدود إسرائيل، حيث تصل دباباتها وأقدام جنودها".

 "إسرائيل" ما زالت تعتبر الضفة الغربية، "يهودا والسامرة"، ضمت القدس مبكرا إلى "إسرائيل" في 27 نوفمبر 1967. ترفض الانسحاب من هضبة الجولان العربية السورية ومن مزارع شبعا اللبنانية. أيضا، ورغم أن ما يسمى بمبادرة السلام العربية تؤكد على الاعتراف الرسمي العربي بدولة "إسرائيل"، وإقامة سفارات لها في العواصم العربية، ورغم أنها وفي موضع "عودة اللاجئين"، أخضعت هذا الحق، وفقاً لما سيتم الاتفاق عليه بينها وبين السلطة الفلسطينية، رغم كل ذلك، رفض رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك أرييل شارون هذه المبادرة فور تبنيها من قمة بيروت عام 2002، كذلك فعلت الحكومة "الإسرائيلية" التي يرأسها.

 رغم أن الدول العربية تمد يدها للسلام مع "إسرائيل" ، إلاّ أن شارون اجتاح الضفة الغربية حينها، وسجن الرئيس الراحل ياسر عرفات في المقاطعة، ومنعه من حضور القمة. في أحد تصريحاته قال شارون: إن المبادرة لا تستحق الحبر الذي تمت كتابتها به. موقف رئيس الوزراء الحالي نتنياهو من المبادرة، هو الرفض المطلق لها جملةً وتفصيلاً، وهو في تصريحاته المتعددة عنها، سواء أكان ذلك في إسرائيل أو في واشنطن، إبّان إحدى زياراته، طالب الدول العربية بتعديل المبادرة، لأن الزمن قد عفى عليها، ومن وجهة نظره (أن العرب قمعيون، ديكتاتوريون، لا يمكنهم التعايش مع الديمقراطية)، ويمكن التعامل معهم فقط من خلال القوة، وهو يريد سلاماً مقابل السلام وليس سلاماً مقابل الأرض.

هذه هي حقيقة المواقف "الإسرائيلية" من مبادرة السلام العربية.

 "إسرائيل" تريد استسلاماً كاملاً من العرب، وبضمنهم الفلسطينيون.

 تريد من العرب أن ينصاعوا للتسوية التي تطرحها، وألا يطالبوا بالجولان العربية السورية، فهي مهمة للأمن "الإسرائيلي"، وألا يطالبوا بالقدس المحتلة فهي ستبقى في إطار القدس الموحدة "العاصمة الخالدة والأبدية لإسرائيل"، وأن يتخلوا عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وأراضيهم، بل العكس من ذلك، على الدول العربية دفع تعويضات للمهاجرين اليهود الذين هاجروا منها (طائعين) إلى إسرائيل، وعليهم الرضوخ لوجود المستوطنات ، وعليهم قبولها وقبول المتغيرات الديموغرافية في الضفة الغربية، على أساس وجود 400 ألف من المستوطنين فيها. وألا دولة فلسطينية على كامل حدود عام 1967 وألا انسحاب من منطقة غور الأردن، وألا سيادة للدولة الفلسطينية. وكذلك الامتثال للطلب "الإسرائيلي " منهم بالاعتراف بيهودية دولة "إسرائيل" ، وإن اعترفوا بكل ذلك (ستتكرم) "إسرائيل" بالتفاوض معهم على التسوية. هذه الصورة هي حقيقة المواقف "الإسرائيلية".

 بالتالي فإن "إسرائيل" لا تشكل خطراً على الفلسطينيين فحسب، وإنما على المنطقة العربية كلها، وعلى الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، "إسرائيل" سعت وتسعى وستظل تسعى للسيطرة على المنطقة العربية، إن لم يكن بالمعنى الجغرافي من خلال بناء دولة "إسرائيل" الكبرى، فمن خلال الهيمنة السياسية والأخرى الاقتصادية.

منذ مدة، أطلق رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست ياريف لفين (من قيادة حزب الليكود) مجموعة ضغط برلمانية تحت اسم"اللوبي من أجل أرض إسرائيل". المهمة الرئيسية للوبي الجديد: الدعوة إلى فرض"السيادة التاريخية"على كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر. يأتي ذلك وسط سن قانون تشريعي جديد، يمنع أي حكومة إسرائيلية من إجراء تسوية نهائية مع الفلسطينيين وأي مساومة على مفهوم "أراضي إسرائيل التاريخية". إن حلم دولة "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات" ما زال يراود أحلام غالبية "الإسرائيليين"، خاصة المنتمين إلى الأحزاب اليمينية الشوفينية الدينية.

 ليس لدى "إسرائيل" حالياً أعداد من اليهود (قوة ديموغرافية) للسيطرة على مناطق جديدة، كما أن الوضع الدولي الحالي لا يسمح بتوسع جغرافي "إسرائيلي"، ولا إجراء "تراتسفير" لأهالي منطقة 48، وإلا لفعلت "إسرائيل" ذلك منذ زمن طويل.

على صعيد آخر، أعلن مسؤول فلسطيني: مصادرة الاحتلال لزهاء ألفي دونم من الأراضي المحتلة "2343 دونما" في أريحا، مما يشكل خطوة تعدّ الأكبر والأوسع مؤخراً، وتهدف إلى تشكيل حزام استيطاني عريض، يقطع التواصل نهائياً بين الأردن والدولة الفلسطينية المنشودة.

من جانب ثان، قال موشيه يعالون وزير الحرب الصهيوني، الذي زار واشنطن مؤخرا، وتحدّث في "مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين" قائلا: "لن تقوم دولة فلسطينية في حياتي"، مكررا بذلك ما سبق أن قاله العديدون من القادة الصهاينة، كذلك، أصدر الحاخام الأكبر في الكيان مؤخرا (منذ أسبوع) "فتوى دينية" بجواز قتل الأطفال الفلسطينيين لمجرد الشك في أنهم سيقومون بطعن يهودي.

ومن دون تفاصيل واستشهادات، فإن برامج 95٪ من الأحزاب في الكيان الصهيوني: الليكود، البيت اليهودي بزعامة نفتالي بنيت، "يسرائيل بيتينيو" بزعامة ليبرمان وغيرها، إضافة إلى الأحزاب اليمينية الدينية الفاشية الأخرى بلا استثناء، كلها ترفض إقامة دولة فلسطينية. تجمع المعسكر الصهيوني بزعامة هيرتزوغ، ينادي بانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين مثل الذي يجري تطبيقه في غزة، بحشر الفلسطينيين في مناطق مقطعة الأوصال (غيتوات) محاطة بجدران عالية في الضفة الغربية، وبأسوار وحصار على التجمع البشري الكبير في القطاع، وبإشراف مباشر على المعابر.

 أيضا، بين استطلاع واسع النطاق أجراه معهد الاستطلاعات الأمريكي "بيو" ونشرت معطياته مؤخرا، أن نحو 50٪ من اليهود "الإسرائيليين" يؤيدون طرد الفلسطينيين من وطنهم، فيما أيد 79٪ من اليهود "الإسرائيليين"، التمييز العنصري ضد فلسطينيي 48، وأن 74٪ يعتبرون انفسهم صهاينة.

من ناحيته ألقى صحافي "هآرتس" المعروف جدعون ليفي كلمة في نادي الصحافة الوطني في العاصمة الأمريكية، واشنطن، قال فيها مخاطبا زعماء اللوبي الصهيوني في أمريكا: "اسمعوا، مع أصدقاء مثلكم، لا تحتاج إسرائيل إلى أعداء".

 وبين كيف أن دعمهم يغذي عقلية الاحتلال ويمده بالأدوات. وعرض صوراً من وحشية مواطني كيان الاحتلال وجيشه ومؤسسته، وكشف تهافت المرتكزات "الأخلاقية" والأيديولوجية والعملية التي ينطلق منها سلوكه العدواني الذي يعيش في حالة إنكار للواقع، وكيف يؤثر ذلك على سلوكه البشع تجاه الشعب الفلسطيني المحتل.

جملة القول، أن الخطر الصهيوني لا يقتصر على الفلسطينيين وفلسطين وحدها وإنما على الأمة العربية ودولها من المحيط إلى الخليج، وواهم كل من يعتقد غير ذلك.