أهم الأخبار

غاز إسرائيلي مجهول يفتك بالمتظاهرين يحتوي على "مثيل البرومايد" الخطر

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

قنابل غاز مجهولة النوعية تطلقها قوات الاحتلال على المتظاهرين لتحدث حالات اختناق واصابات منها ما وصل حد الوفاة.

الشبان المتظاهرون يتسلحون عادة بعبوات محلول الخميرة، والتي يقول أحدهم أنه يحضرها في البيت بتذويب بعض الخميرة في عبوة مياه ويغسل بها وجهه عند إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

رغم أن هذا التصرف منتشر ما بين الشبان، إلا أنه بقي ضمن إطار التشكيك في جدواه في ظل عدم معرفة نوع الغاز المستخدم ضد المتظاهرين، وبالتالي عدم معرفة ما هو المضاد لهذا الغاز، وبالتالي يبقى هذا التصرف اجتهادا شخصيا، فهناك أنواع من الغاز قد يزيد استخدام المياه من آثارها وانتشارها، وبالتالي تكون النتيجة عكسية حسب د. باسم ريماوي مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة.

بينما أكد المختص في الكيمياء في جامعة بيرزيت د. زكي حسن أن الخبرة البشرية مهمة في هذا الجانب، وإذا وجد الشباب أن تجربة معينة كالماء والخل أو غيره يمكنها تقليل آثار الغاز فهذه تجربة مهمة، وهي تطور قائم على التجربة العملية.

اما عن كيفية العلاج فقال د. حسن أن النصيحة منذ الثمانينات كانت باستخدام المياه لمسح الغاز وتقليل آثاره، ويمكن أن يتبلور الغاز في الأماكن المغلقة، فهذه الأماكن يجب أن تنظف بالماء وبيكربونات الصوديوم أو الخل، حتى يتبلور الغاز وتقل آثاره.

أعراض مختلفة

مدير مركز الإسعاف والطوارئ التابع لجمعية الهلال الأحمر منذر نزال كان قد صرّح باستخدام قوات الاحتلال نوعا جديدا ومجهولا من الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات، ويتسبب هذا الغاز بإصابة من يتعرض له بتشنجات وإغماء.

كما ذكرت مصادر صحفية فلسطينية أن الاحتلال استخدم خلال المواجهات في القدس غازاً لأول مرة يشتبه في أنه غاز أعصاب.

وأضافت المصادر أنه غاز سام يحتوي فيروسات ويؤذي الجلد ويسبب تهيجه. وحسب المصادر الطبية فإن عددا من المصابين جراء استنشاقهم هذا الغاز ظهرت عليهم أعراض غريبة كتورم العينين واحمرارها وارتجاف وارتخاء كامل أطراف الجسم بالإضافة للغثيان والرغبة في التقيؤ.

وفي تاريخ 19/11/2015 تم إصابة عدد من طالبات مدرسة الزهراء بمدينة الخليل، وذلك بعد إلقاء قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المدرسة.

الآثار الصحية والبيئية

تعقيبا على ذلك قال د. الريماوي أن الغاز المستخدم مجهول النوع ولا يوجد دراسات حتى الآن تدل على الآثار البيئية لهذا الغاز، فهذه الدراسات تحتاج الوقت لإعدادها، كما أن الآثار الجانبية البيئية تظهر بعد فترة وليس مباشرة، والآن لا يمكن الحديث عن أضرار بيئية لا نستطيع توثيقها وضبطها.

اما الآثار الصحية حسب الريماوي فتظهر مباشرة، وتؤثر على من لديهم مشاكل في الجهاز التنفسي فتؤدي لاختناقهم، وهناك نوع جديد من الغازات يؤدي لحروق، كالغاز الذي استخدم في الاعتداء على طواقم الإسعاف عند مدخل البيرة الشمالي.

وأوضح د.حسن أن الغاز الذي يطلقه الجيش الاسرائيلي أثناء المواجهات له أثر كبير على الأطفال وكبار السن وضعيفي المناعة، وهو خطير جدا كونه يؤدي لمشاكل أكثر من كونه يسبب غزارة نزول الدموع، حيث يحدث التحوّر في القصبات الهوائية، ويؤثر على جهاز المناعة لديهم، ومن الممكن أن يمتص هذا الغاز الماء من الرئتين فيحدث الوفاة، وبالتالي هو خطر جدا.

ويمكن للغاز أيضا أن يُحدِث التقيؤ وآلامٍ في البطن ودوخان، وفي الأماكن المغلقة يمكن أن يؤدي للموت، حالات الموت في الانتفاضة الأولى لمن توفوا بالغاز كانت حوالي 40 شخصاً، وقد أشارت منظمة العفو الدولية أمنستي لهذا الموضوع. كما أن الغازات تؤثر على الأغنام والمواشي أيضا، حيث نفق الكثير منها جراء التعرض للغاز في الكهوف والمغائر، ويضيف أن مثيل البرومايد الخطير يدخل في بعض أنواع الغاز ويستخدمه بعض المزارعين.

وأوضح د. حسن أن هناك عدة أنواع للغازات المستعملة منذ الانتفاضة الأولى حتى يومنا هذا، منها غاز يسمى CS، وهذا الاسم التجاري له، وتركيبته الكيماوية ذرة كلور وذرتين من النيتروجين ومركب حلقي، هذا الغاز حاليا يصدّر لإسرائيل والمستعمل حاليا يضاف له غاز الفلفل، ومن طبيعته لونه أبيض ويعتمد انتشاره على سرعة الرياح وحرارة الشمس، هذه الغازات تقوم بامتصاص المياه من القصبة الهوائية والعيون، وبالتالي تظهر الدموع بعد استنشاقه.

الدكتورة كفاية أبو الهدى من جامعة النجاح، أوضحت أن هناك نوعاً من الغاز تستخدمه إسرائيل في المواجهات، ويحتوي على مثيل البرومايدMethyl Bromide ، ويعتبر هذا الغاز من أعلى درجات السمية بين الغازات حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، وهو شديد التفجر والتطاير، ويستخدم من قبِل مزارعين غير مدربين لاستخدامه، خاصة أثناء استخدامه في البيوت البلاستيكية " الصوبات الزراعية" المغلقة.

ولخطورة هذا الغاز أعلنت وكالة حماية البيئة الأمريكية في الولايات المتحدة عن منع إنتاج أو استيراد مثيل البرومايد وتصديره منعاً باتاً، على الرغم من انه لا يزال يستخدم بين بعض مزارعي قطاع غزة والضفة الغربية.

وأشارت د. أبو الهدى الى أن الافراط في استخدام مثيل البرومايد له تأثيرات سلبية على طبقة الأوزون (وهي تعمل على حماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة). ويعتبر مثيل البرومايد مدمراً لها أكثر بخمسين مرة من غاز الكلورو فلوركربونCFC، ويترتب عليه زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الجلد.

ورغم أن وزارة الزراعة الفلسطينية حظرت منذ بضع سنوات استعمال هذا الغاز في الزراعة، إلا أنه بحسب د. أبو الهدى فإن هذا الغاز لا يزال يستخدم من قبل بعض المزارعين في الزراعة المروية في الضفة الغربية لتعقيم التربة من الآفات الزراعية.

وتعتبر محافظة طولكرم من أكثر المحافظات التي لا يزال بعض المزارعين فيها يستخدمون مثيل البرومايد، لكونه يستخدم في الزراعة المحمية في البيوت البلاستيكية "الصوبات الزراعية".

وأضافت د. أبو الهدى أن استعمال مثيل البرومايد في تعقيم التربة الزراعية لعدة سنوات يؤدي إلى تأثيرات سلبية على المزروعات نفسها، كما يتغلغل إلى داخل التربة بعمق 50 سم، وهذا يؤدي إلى دمار الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة لفترة طويلة فالتربة الزراعية توجد على عمق 10-15 سم فقط،  ويصل مثيل البرومايد إلى المياه الجوفية القريبة من التربة والتي تستخدم للشرب، وتؤدي إلى حصول العديد من المشاكل الصحية مثل الإصابة بالعقم والأمراض السرطانية. ففي المحصلة، فإن آثاره الخطيرة تعود بالضرر على الانسان والبيئة وأيضاً على المحاصيل الزراعية، لأنه يسبب الدمار للنباتات والمحاصيل الزراعية عند استخدامه.

نصائح لتجنب آثار الغاز

وقالت د. أبو الهدى أن التعرض لهذا الغاز بكميات كبيرة عبر التنفس يؤدي إلى الاخلال بالجهاز العصبي والجهاز التنفسي، ومشاكل خطيرة بالدماغ والأعصاب والرئتين والعينين والجلد والحلق وتلفاً في الكلى والكبد، وفي بعض الحالات عجز جسمي أو عقلي شامل ودائم وأحيانا يسبب الوفاة. وقد ظهرت أعراضه في المواجهات الأخيرة، فقد سجلت حتى تاريخ 18/11/2015 حوالي 6500 حالة اختناق، وكان هناك أكثر من حالة وفاة.

ونصح د. حسن بترك المكان المعرض للغاز خلال 30-40 ثانية، وذلك بحبس النفس ثم الهرب بسرعة كبيرة، فكلما ابتعدنا عن المكان كلما كان التأثير أقل.

كما نصح بوضع كمامة مبللة بالماء وبيكربونات الصوديوم أو الخل لتخفيف آثار الغاز، فهي تعمل على امتصاص الغاز ومنعه من التسرب لأجزاء الجسم الداخلية من الرئتين والقصبات الهوائية.