"انتفاضة القدس" .. بركان غضب ينفجر في وجه الاحتلال
المكتب الإعلامي - متابعة
بحيوية لا تعرف السكون والهدوء، تَمضي "انتفاضة القدس" منذ اندلاعها في مطلع أكتوبر الماضي بعنفوان ثوريّ، تمثَّل في تصاعد منحى العمليات الفدائية الفردية التي يُنفذها الفلسطينيون ضد الاحتلال وقُطعان مستوطنيه؛ كرد طبيعي على جرائمهم، لتؤكد استمرار الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها.
ورغم ما يمارسه الاحتلال من إرهاب وإجرام متصاعدين بحق الفلسطينيين بهدف وأد الانتفاضة مع اقتراب دخولها الشهر السابع على التوالي، أو إيجاد مخرج لعملياتها المتصاعدة كمًّا ونوعًا، كل فإن ذلك يؤكد أنها عصية على الاحتواء، أو كبت لهيبها المُتقّد.
آخر تلك التأكيدات العملية ما نُفِّذ أمس الأول (الثلاثاء) من ثلاث عمليات بطولية في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، جرت إحداها للمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة في مدينة يافا المحتلة. وأسفرت حصيلة العمليات الثلاث عن مصرع مستوطن صهيوني، وإصابة (13) آخرون، فيما استشهد سبعة فلسطينيين.
وقالت وسائل إعلام العدو إن مستوطناً أصيب بعملية طعن في مستوطنة «بيتاح تكفا» في تل أبيب، وصفت إصابته بالمتوسطة، فيما أطلقت قوات الاحتلال النار على المُنفذ «عبد الرحمن رداد» مما أدى إلى استشهاده على الفور.
كما أصيب جنديان صهيونيان بجراح احدهما بحالة الخطر وآخر بجراح خطيرة على إثر إطلاق النار عليهما من بندقية « كارلو « كان يحملها الشاب «فؤاد التميمي» في القدس المحتلة, وتمكنت قوات الاحتلال من إطلاق النار على المنفذ واستشهد على إثره. وبعد أقل من ساعة تمكن الشاب «بشار مصالحة» من تنفيذ عملية طعن بطولية في مدينة يافا المحتلة, حيث قام بطعن كل من كان في طريقه من المستوطنين.
وتعقيباً على عملية يافا، فقد أفادت وسائل إعلام الاحتلال أن مستوطنًا لقيَ مصرعه وأصيب عشرة آخرون وصفت جراح خمسة منهم بالخطيرة , فيما تراوحت باقي الإصابات بين المتوسطة والطفيفة، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال تمكنت من إطلاق النار على المنفذ مما أدى إلى استشهاده.
وجاءت سلسلة العمليات البطولية السابقة بعد ساعات قليلة من إعدام الاحتلال بدم بارد المواطنة «فدوى أبو طير» (51 عاماً) في مدينة القدس المُحتلة.
دليل على الحيوية
وفي بيانين منفصلين وصلا «الاستقلال» باركت حركتا الجهاد الإسلامي و»حماس» العمليات البطولية التي نفذها عدد من الشبان الفلسطينيين في فلسطين المحتلة («تل أبيب» و»القدس المحتلة» و»يافا») الثلاثاء الماضي.
وقالت حركة الجهاد إن: «استمرار العمليات الفدائية دليل على حيوية الانتفاضة، وعلى أن الشعب الفلسطيني يعي الواجبات الملقاة عليه في مقاومة العدو المركزي له ولأمته»، مضيفةً أن «العمليات هي رسائل واضحة لكل المترددين والمنكفئين بأن الانتفاضة مستمرة ومتصاعدة، وهي رد طبيعي على جرائم الاحتلال».
فيما قالت حركة «حماس» إن عمليات الطعن وإطلاق النار «البطولية» التي نفذها شبان فلسطينيون الثلاثاء «تمثل دليل فشلِ كل المؤامرات الهادفة إلى إجهاض الانتفاضة»، مؤكدةً على أن تلك العمليات تؤكد استمرار «انتفاضة القدس» حتى تحقيق أهدافها، وأن دماء الشهداء «ستكون وقوداً لتصعيد الانتفاضة».
وفي صبيحة أمس الأربعاء استشهد مواطنان فلسطينيان، في مدينة القدس المحتلة بزعم تنفيذهما عملية إطلاق نار تجاه قوات الاحتلال. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الشابين هما: «عبد الملك أبو خروب» و»محمد التالوتي» من بلدة «كفر عقب» بعد تنفيذهما عملية إطلاق نار بطولية في المدينة المحتلة.
وفي مدينة «سلفيت» بالضفة المحتلة استشهد الشاب «أحمد عامر» وأصيب آخر بنيران الاحتلال؛ بذريعة محاولة تنفيذ عملية طعن، بحسب مزاعم الاحتلال.
وذكرت مصادر محلية من المدينة أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على شابين فلسطينيين مما أدى إلى استشهاد أحدهما وإصابة الآخر بجروح خطيرة، في حين منع الجنود سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من الوصول إلى المكان لانتشالهما.
لن يُفلح
الكاتب والمحلل السياسي من الضفة المحتلة خليل العمايرة، أكَّد أن الطابع الفردي الذي تتصف به العمليات الفدائية التي تُنفذ ضمن «انتفاضة القدس» الجارية، أفشل (إسرائيل) في إجهاضها، مشدداً على أن مصير الانتفاضة هو البقاء والاستمرارية.
وقال العمايرة لـ»الاستقلال»: «الانتفاضة تسبَّبت في أزمات سياسية واقتصادية للاحتلال، ورغم ذلك لا حل «إسرائيلياً» قريباً يلوح في الأفق لإيقافها، وهي ماضية نحو الاستمرارية»، لافتاً إلى أن الاحتلال ومهما اتخذ من إجراءات، كان آخرها قرارات «الكابينيت»، لن يفلح في إجهاضها.
ورأى أن هناك أسباباً ستدفع الانتفاضة للبقاء من بينها عدم تقديم الاحتلال أي تنازل للفلسطينيين للوصول إلى حالة الهدوء، إضافة إلى أن استمراره في ارتكاب الجرائم وممارساته القمعية لن تُخضع الشعب، بل ستصب الزيت على النار.
وكان المجلس الوزاريّ المُصغَّر لدى الكِيان (الكابينيت) اتخذ عقب تنفيذ العمليات الثلاث قرارات عقابية، منها: إغلاق الفتحات في مقاطع جدار الضم والتوسع العنصري حول القدس المحتلة، واستكمال بناء الجدار في منطقة «ترقوميا»، وإغلاق وسائل الإعلام التي «تبث التحريض»، وتشديد العقوبات على مشغلي العمال الذين لا يحملون تصاريح عمل، وسحب تصاريح العمل والتجارة بشكل أوسع من السابق، وتنفيذ عمليات محددة ضد المناطق التي يخرج منها منفذو العمليات وفرض حصار وإغلاق على تلك المناطق.
كما بحثت حكومة الاحتلال، أمس، اقتراحاً يقضي بإبعاد أهالي منفذي العمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين إلى الخارج ، فضلاً عن ابتكار إجراءات انتقامية ضد المواطنين بمشاركة كل أذرع الاحتلال.
وعَقِب قرارات «الكابينيت» سارعت قوات الاحتلال إلى اقتحام بلدة «العيسوية» وسط القدس بأعداد هائلة من جنودها ووحداتها الخاصة، وداهمت العديد من منازل المواطنين، رافقها عمليات تخريب وإتلاف محتويات منازل المواطنين وتخويف النساء والأطفال وترويعهم.
ومنذ بداية «انتفاضة القدس» في الأول من أكتوبر/ تشرين أول الماضي؛ فقد قُتل أكثر من (34) صهيونياً بينهم جنود وأصيب مئات آخرون في سلسلة عمليات بطولية نفذها فلسطينيون في كل من الضفة والقدس المحتلتين والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.