في القدس .."الله أكبر" .. جريمة !
فداء رويضي
"الله أكبر" كلمتان اتخذهما المرابطون في الأقصى سلاحا في وجه المستوطنين الذين يقتحمون باحات المسجد الأقصى يوميا ويستفزون مشاعر المصلين بأداء حركات لا تليق بحرمة المكان، يرقصون ويغنون، ويؤدون صلوات تلمودية، كل ذلك برفقة حراسة مشددة من شرطة الاحتلال التي تعتدي على كل من يقف في طريقها، خاصة حراس المسجد الاقصى الذين يمنعون أي مستوطن من أداء تلك الصلوات.
وفي الوقت الذي تمتلئ فيه ساحات الأقصى بالمستوطنين، تقف مجموعة من النساء على أبوابه رافضات قرار إبعادهن عن الأقصى. 60 سيدة أدرج ضابط الاحتلال أسماءهن على قائمة المنع بحجة إثارة المشاكل، أطلق عليها "القائمة السوداء" فيما أطلقن عليها النساء "القائمة الذهبية"، هذه القائمة توضع على أبواب المسجد الأقصى وتمنع الأسماء الواردة فيها من الدخول، وتحتوي أسماء نساء (كبيرات في السن، صحفيات، معلمات، طفلات).
تجريم التكبير
قبل عام ونصف تقريبا اعتقل شاب من الداخل الفلسطيني في ساحة المسجد الأقصى، وقبل يومين صدرت لائحة اتهام ضده، وكان من ضمنها "التكبير أثناء اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى"، يعلق المحامي رمزي كتيلات على لائحة الإتهام: "إن إدراج التكبير ضمن لائحة الإتهام، وإجراء محاكمة لأجل ذلك أمر غير اعتيادي، فالتكبير لم يأخذ يوما منحى الجريمة، فالاحتلال كان يكتفي بالتحقيق أو في أعلى تقدير إبعاد الشخص عن المسجد الأقصى عدة أيام".
النيابة الإسرائيلية قدمت لمحكمة الصلح مرافعة كتابية طالبت فيها بتجريم التكبير في وجه المستوطنين في المسجد الأقصى. يقول المحامي كتيلات لراية: "هذه المطالبة تعني اعتبار (التكبير) جريمة يحاسب عليها الشخص جنائيا، لكن المحكمة لم تبدِ رأيها الى اليوم في هذه المطالبة".
لا يوجد أي نص قانوني إسرائيلي يتعلق بالتكبير، فما الإطار القانوني الذي تستند إليه النيابة
يقول كتيلات إن الغطاء القانوني الذي تحاول النيابة العامة الإسرائيلية الإستناد عليه هو "الإتهام بمخالفة"، والمخالفة هنا هي أي تصرف من شأنه أن يؤدي الى إثارة الشغب، وبذلك فإن التصرف القانوني والإعتيادي (التكبير) يتحول في ظروف معينة (فترة اقتحام المستوطنين) الى تصرف يؤدي لإثارة الشغب وبالتالي يعتبر مخالفة، أي أن التكبير أثناء اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى هو تصرف مثير للشغب.
ويشير كتيلات الى الأبعاد المستقبلية الخطيرة فيما لو ستقبل محكمة الصلح هذا التوجه، حيث سيتسبب في تقديم لوائح اتهام لأشخاص اعتقوا خلال الفترة الماضية للسبب ذاته، لذلك سيقوم طاقم المحامين بتقديم مرافعة مضادة، بعد دراسة طلب النيابة بشكل معمق، استنادا الى أنه لا يمكن اعتبار ترديد أي مصطلح من الشعائر الدينية مخالفة، معتبرا أن هذا لا يثير الشغب وما يثيره فعلا هو التوجه العنصري للنيابة الإسرائيلية.
ويتفق الخبير في شؤون القدس جمال عمرو مع كتيلات، واصفا هذا التصرف ب "الوقح"، موضحا أن كل عبادات المسلمين أساسها التكبير، "فالأذان يبدأ بالتكبير، والصلاة كذلك". واعتبر طلب النيابة بتجريم التكبير سابقة خطيرة، وبمثابة منع لحرية العبادة التي تكفلها جميع الشرائع والقوانين.
يهودا عتصيون
كل يوم يمر تتجلى العنصرية الإحتلالية بأنواع شتى. فيوم الثلاثاء الماضي مثلا، اعتقلت قوات الاحتلال المستوطن يهودا عتصيون من داخل باحات المسجد الأقصى لأنه "رفع يديه إلى السماء"، وبالتالي أخل بالتعليمات التي تمنع صلاة اليهود في الأقصى. صدر قرارٌ بمنعه من اقتحام الأقصى لمدة 15 يوما، لكنه رفض التوقيع على "أمر الإبعاد"، قائلا أن ذلك يعني الإعتراف بالذنب.
هددته قاضية محكمة الصلح بالاعتقال في حال لم يوقع على أمر الإبعاد حت الساعة الرابعة. لم يأبه بذلك وتوجه الى المحكمة المركزية وقدم استئنافا، فألغت المحكمة أمر الإبعاد، واعتبر القاضي تصرف الشرطة غير مسؤول، وبحسب ما ورد في صحيفة يديعوت أحرنوت فإن القاضي وبخ ضباط شرطة الاحتلال لإعتقالهم يهودا عتصيون، وقال لهم: "ما قام به داخل الأقصى مسموح"، في إشارة واضحة إلى جواز الصلاة لليهود في المسجد الأقصى.
يهودا عتصيون هو صاحب مقولة: "الصراع على المسجد الأقصى صراع طويل، يحتاج إلى عملية نضوج طويلة".