منفذو العمليات يجيبون.. لماذا امتنعوا عن قتل أطفال
هل هي طرق القتال الحضارية، أم على خطى وصايا الرسول للمقاتلين، أم أن الانسانية تمنعهم ؟!، أسئلة تجول في خاطرنا بعد التفاصيل التي أعلن عنها الاحتلال للعمليات البطولية الأخيرة، اطلاق النار على مستوطنين أمس الجمعة في الخليل، وعملية بيت فوريك "ايتمار"، وعملية اطلاق النار على حافلة "اسرائيلية "في جبل المكبر بالقدس المحتلة منتصف أكتوبر المنصرم، تفاصيل هذه العمليات توصلنا الى سؤال واحد وحيد، لماذا يمتنع الفلسطينيون عن قتل أطفال "اسرائيليين" خلال تنفيذ العمليات؟.
أمس وبعد عملية قتل مستوطنيْن في الخليل، مذيعة على القناة العبرية الثانية، تسأل المراسل "الاسرائيلي "اوهاد خمو:لماذا لم يتم قتل الاطفال في سيارة المستوطنين؟، فأجابها "انه في الدين الاسلامي قتل الأطفال ممنوع، لذلك لم يقم منفذو العملية بقتل الاطفال وهذا حدث أيضًا في عملية بيت فوريك".
عملية الخليل أمس في توقيتها وفعلها وشجاعتها وهدفها هي توأمة عملية بيت فوريك "ايتمار" نهاية أيلول المنصرم، والتي نفذتها خلية أعلن عنها الشاباك مطلع شهر أكتوبر المنصرم، حصادها مقتل مستوطنيْن، فيما امتنعت الخلية عن قتل أربعة أطفال كانوا في السيارة، وعندما سُئل المنفذون في محكمة الاحتلال عن امتناعهم لقتل الأطفال، قالوا "نحن نفذنا العملية رداً على إحراق المستوطنين للطفل أحمد دوابشة وعائلته، أما نحن فالأطفال ليسوا هدفنا، لنعلّمكم أخلاقيات قتالنا".
بلال غانم الذي نفذ عملية اطلاق نار وطعن في حافلة "اسرائيلية" في جبل المكبر بالقدس المحتلة منتصف أكتوبر المنصرم برفقة الشهيد بهاء عليان، أخرج أمس رسالة من سجنه قال فيها "لم نحرص على القتل العشوائي في العملية التي قمنا بتنفيذها في القدس لأجل القتل فقط، وإنما جاءت عمليتنا ردًا على اقتحامات المسجد الأقصى، واستهداف النساء من قبل الجيش "الإسرائيلي"، الذي استهدفناه في الحافلة، وقمنا بإنزال مجموعة من الأطفال، وكبار السن قبل الشروع في تنفيذ العملية، وذلك لقناعتنا بعدالة قضيتنا، وعدم سعينا لسفك الدماء، إلا وفق قواعد الشرع والمقاومة الحضارية"، يؤكد كلام بلال ما أعلن عنه الاعلام العبري أن الذين قُتلوا في عملية بلال وبهاء هم ضباط في جيش الاحتلال، وحديث آخر قال إن أحدهم ضابط في الموساد "الاسرائيلي"، امتنعت محكمة الاحتلال عن وضع أخلاقيات بهاء وبلال في القتال ضمن ملف عمليتهم حتى لا يظهر قتال الفلسطينيين القائم على البعد الحضاري في مواجهة الاحتلال وقال"لن نظهركم ملائكة في عملياتكم أمام العالم".
لنستخلص عبرة أن قتل الأطفال ممنوع في قواعد قتال الفلسطينيين، وقتل الاطفال مشروع في قواعد قتال جيش الاحتلال، الذي حاول أن يُشهد العالم على أخلاقياته، فباءَت شهاداته بالفشل، فبعد عملية احراق الطفل محمد أبو خضير في القدس عام 2014، واحراق الطفل علي دوابشة وعائلته في نابلس عام 2015، وإبادة أكثر من 500 طفل في العدوان على غزة صيف العام الماضي 2014 عدا عن اصابة آلاف آخرين، ويضاف لذلك الأطفال الذين استشهدوا برصاص الاحتلال خلال انتفاضة القدس الحالية بعدد يفوق الـ 15 طفلاً، وما حصدته داعشية الاحتلال من أرواح للأطفال منذ احتلالهم لفلسطين.
المنفذون أجابوا عن امتناعهم لقتل الأطفال خلال تنفيذ عملياتهم، فمنهم مَن قال انها درس للاحتلال في أساليب القتال، ومنهم مَن قال إن الدين الإسلامي يمنعهم عن قتل الأطفال من خلال وصايا الرسول للمقاتلين بأن لا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً، ولا تهدموا منزلاً، ولا تقطعوا شجرة...، وآخرون قالوا إن طرق القتال الحضارية تتوجب علينا عدم قتل الاطفال، المنفذون يختلفون في العقائد ونبع انسانيتهم واحد، الانسانية التي تحمي الانسان الآمن من القتل، وتجيز قتل المحتل لأنه محتل، فالفلسطيني ينتصر مرة أخرى، انتصار أخلاقي وإنساني أربك جيش الاحتلال في قواعده القتالية.
جيش الاحتلال لا يتردد عن اقتحام مشافي الفلسطينيين وتنفيذ اعدامات ميدانية في كل مكان، ويهدم بيوت الفلسطينيين، والمثال الحيّ والآنيّ على ذلك هو هدمه بيوت كل من كرم المصري وسمير كوسا ويحيى الحاج فجر اليوم السبت، وهدمه منزل معاذ حامد في سلواد شرق رام الله، وقرارات هدم بيت كل فلسطيني نفذ عملية ضد الاحتلال، فلو افترضنا أن الفلسطيني يقاتل المحتل بعقيدة قتال جيش الاحتلال لهدمنا كل بيوت" الاسرائيليين"، فكلهم شاركوا في قتلنا وهدم بيوتنا.
منفذو العمليات لم يربكوا المحتل في امتناعهم عن قتل الأطفال، بالقدر الذي أربكوه في تنفيذهم للعمليات ونجاحها وسط تشديدات أمنية تشهدها الضفة الغربية منذ اندلاع الانتفاضة، والخليل حاضرة في تنفيذ العملية وعودة المنفذ الى قواعده سالماً، الخليل أربكت المحتل مرة أخرى، فبعد أن أعلن الشاباك قبل أسبوع عن اعتقاله لخلايا كانت تنوي تنفيذ عمليات في الخليل ونابلس وقلقيلية، دون الاعلان عن أسماء المعتقلين أو خططهم، تطل علينا عملية الخليل أمس لتكذّب روايات الشاباك التي أصبحت في نظرنا فرقعات اعلامية لتهدئة المستوطنين الذين باتوا يلعنون منظومة جيشهم المهترئة، ومنظومة عيشهم غير الآمن في غير أرضهم.