عملية الرضوان وانتصار الإرادات
تاريخ النشر : الأحد , 16 أغسطس 2009 - 11:09 صباحاً بتوقيت مدينة القدس
بقلم/ الأستاذ صالح لطفي
أتمَّ حزب الله عملية تحرير الأسرى اللبنانيين والإفراج عن 199 جثة شهيد. وأطلق حزب الله على هذه الصفقة التي جرت في ظل وساطة ألمانية ورعاية أممية، اسم "عملية الرضوان".
بتحرير سمير القنطار ورفاقه, يكون حزب الله قد أغلق ملف السجناء اللبنانيين مع الكيان الصهيوني وإن لم يغلق ملف السجناء الشيعة، إذ لا يزال يقبع في السجون الصهيونية سجناء إيرانيون يتبعون للحرس الثوري اختطفتهم دولة الكيان من البقاع اللبناني قبل سنوات.
الاستقبال الرسمي والشعبي للمحررين اللبنانيين أول أمس أكد مدى حساسية وأهمية موضوع الأسرى، فقد قامت الحكومة اللبنانية الوطنية في أول يوم عمل لها باستقبال المحررين وبرئاسة رئيس الجمهورية ميشيل سليمان استقبالاً رسمياً يليق حقيقةً بمقام هؤلاء الأسرى المحررين.
دروس كثيرة يمكننا استلهامها من عملية الرضوان، لكن درساً واحداً يظل علامة فارقة في هذه العملية هو: انتصار الإرادة. فللتذكير فقد كانت دولة الكيان في مستهل الحديث عن هذه الأزمة تتحدث والأدوات الدولية إلى جانبها أنّ أعيدوا الأسيرين الصهاينة دون قيد أو شرط... انتصرت إرادة حزب الله التي أصرت على أن تدفع دولة الكيان الغاصب الثمن، وكانت النتيجة أن خاض حزب الله حربا في صراع الإرادات, مستفيداً من حالة الوهن التي دبت في الكيان الغاصب, ولأن الحزب يملك جيشاً من المحللين السياسيين والنفسيين العسكريين وعلماء الاجتماع فقد علم جيداً من أين تؤكل الكتف, الأمر الذي أدى إلى أن تنتهي هذه العملية بالكيفية التي رأيناها بالبث الحي والمباشر. لقد انتهت الحرب التي خاضتها الكيان العبري عام 2006 بانتصار إرادة المقاومة وأكدت أن هذا الحزب يتقن فن المفاوضات والمراوغة حتى اللحظة الأخيرة، ويعرف كيف يخفي أوراقه، حتى اللحظة الأخيرة, ليحقق اكبر قدر ممكن من الانجازات، فهل يستوعب الدرس المؤمنون بالحلول الدبلوماسية أم انه على قلوب أقفالها؟.
مطلب الساعة ...لجنة عربية إسلامية لتحرير الأسرى الفلسطينيين والعرب...
ما زال يقبع في السجون الصهيونية أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني من بينهم سجينات أمنيات معهن أطفالهن، إلى جانب المئات من جنسيات عربية وإسلامية مختلفة لا يعلمها إلا الله والراسخون في هذا الباب. وقد أثبتت دولة الكيان مدى توحشها إزاء هؤلاء السجناء خاصة الذين أقعدتهم الأمراض الخبيثة كالسرطان والفشل الكلوي, ورفضها إطلاق سراحهم ليموتوا في بيوتهم وبين ذويهم أو حتى منحهم العلاج المناسب لهذه الأمراض، وقد سمعنا ورأينا مدى وحشية التعامل مع السجناء المرضى من جبل الدروز في الهضبة والأسرى الفلسطينيين.
السجناء الأمنيون هم الدالة الحقيقية على عمق أبعاد الصراع بين الطرفين من جهة كما أن وجود مئات السجناء العرب من الدول العربية دليل على أنَّ القضية الفلسطينية هي لب الصراع في المنطقة ولن تهدأ الأمور في وطننا الكبير ما لم تهدأ فلسطينياً.
هناك ضرورة فورية ملحة لتشكيل لجنة عربية للشروع في تحرير السجناء الأمنيين الفلسطينيين والعرب الأحياء منهم والشهداء، وهذا المطلب الفوري لا يحتاج إلى تأخير وتلعثم وطول تفكير وهو أن تم تحقيقه بارقة أمل وخير بين الشعوب العربية وقياداتها، ولعله بدايات لفتح صفحة جديدة بين الحكام والشعوب، وإلا فان حكامنا سيظلون في عداد الطغم الحاكمة ومعلوم للجميع إلى أين ينتهي المطاف بالطغاة والظلمة، ولذلك فعلى الدول العربية المقربة من واشنطن استثمار هذه العلاقات لإنهاء هذا الملف، وعلى الدول العربية أن تنتهي من رفع العتب واللوم عبر بيانات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
صحيح أن الإنسان في عالمنا العربي ليس له قيمة عند هؤلاء الناس ولكن الأيام دول وحركة الشعوب كثيراً ما تسبق قياداتها، وبرهنت لنا الأيام انَّ الشعوب إذا انتفضت حاسبت وبشدة أولئك الذين جثموا على صدرها ينهبون خيراتها ولا يمنحونها إلا الذل والهوان ... وصحيح أيضا أن الدول العربية لا تهتم لا من قريب ولا من بعيد بالسجناء الأمنيين - والذين هم في الغالب من الإسلاميين - بل وتقتل وتذبح، وما أحداث السجون المغربية والسورية والأردنية والمصرية عنا ببعيد, ولكن المهم في الظروف الراهنة التي تمر بها امتنا أن نتنبه إلى حساسية المرحلة التي نعيش والظروف الموضوعية التي تمر بها امتنا العربية والإسلامية، فنازلة العراق ما زالت تهدهد أرضنا، وإذا ظن الطغاة والعربيديون في عالمنا العربي والإسلامي انه لن تمسهم غضبة شعوبهم لأنهم تحت حماية فرعون هذا العصر فلينظروا إلى عدد الإمبراطوريات التي دحاها الزمن وأخرجها خارج التاريخ في المئة سنة الأخيرة .. وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون