تراجع وانحسار قوة الردع الصهيونية.
أ. جلال الاغا
فوقائع تهّرب وتفلت الجنود الصهاينة والفساد في المؤسسة العسكرية تعكس حقيقة الكيان الداخلية وتستشرف ما سيؤول إليه الكيان من تراجع وإنحسار لقوة الردع المزعومة وتشير إلى تفتت داخلي وتناحر طائفي.
فالأرقام والاحصائيات تقلق المُخططين الاستراتيجيين والقادة العسكريين؛ لأنها ستُضَطر الكيان إلى تغير طبيعة تكوينِه البنيوية القتالية والاتجاه أكثر إلى الحروب بالوكالة والإعتماد أكثر على الحروب الإلكترونية والقتال عن بعد.
فقد كانت عقيدة الكيان في السابق عقيدة توسعية، مستمدة من نبوءات توراتية، ثم أخذ يتمترس خلف العوائق والموانع الطبيعية مثل نهر الأردن وقناة السويس وجبال لبنان وهضاب سوريا وصحاري النقب وسيناء، وبعد أن كانت من ضمن عقيدته، الحرب الخاطفة وضرب العدو في مقتل ونقل المعركة إلى أرض الخصم، بدأ بالتراجع وأخذ بالانحسار والاعتماد على تحصين ذاته والاكتفاء بالردود رغم أنها تكون قاسية أغلب الاوقات لكنه أخذ بالتفكير والتردد أحياناً بل وكثيراً قبل الإقدام؛ نتيجة تآكل حالة الردع لديه وخوفاً من تفاقمها وبدأ ينكفئ على ذاته.
كل ذلك دفع الجنود للهروب من الخدمة العسكرية بعد فقدانهم الثقة بجيشهم واختلاف نظرتهم له عن الجيل القديم، الذي كان يرى أن الانضمام الى الجيش واجب المقدس.
فترى الأن جيل الشباب ينضم إلى المدارس الدينية رغم عدم قناعته بها؛ هرباً من الخدمة الإلزامية، وهو ما تقاتل الاحزاب الدينية من أجل تثبيت هذه الميزة لكسب تأييد مواطنيهم ليس إيماناً وقناعة بل لزيادة حصتها في الكِنيست لما لها من امتيازات. وهو ما يهاجمها عليه الاحزاب العلمانية ، معتبرين أن الاحزاب الدينية انتهازية وغير شركاء في الدفاع عن الكيان.
كل ذلك يدلل على فقد (المواطن الاسرائيلي) عقيدة الصهيوني المقاتل المتشدد لفكرة اقامة وطن قومي لهم.
وعزز فكرة عزوف الشباب عن الالتحاق بالخدمة العسكرية؛ الحروب الأخيرة للكيان سواء في غزة أو لبنان؛ والتي أسفر عنها مقتل العشرات منهم وفقدان العديد. واقتناعهم أن فترات السلم الطويلة بين الحروب قد ولت، بمعنى أن معركة قد تندلع بين عشية وضحاها وقد تطول وقد يتعرضوا لما تعرض له ممن سبقوهم من القتل أو الأسر والعاهات الدائمة والملازمة.
علماً أن نسب كبيرة من شبابهم يحملون جنسيات اخرى وبالتالي أمامهم مفر للهرب لبلدان والديهم الاصلية، فليسوا مُضطرين للدفاع عن أرض ليست لهم، وباتوا مقتنعين أن اهلها لن يتركوها لهم وسيقاتلون ببسالة عنها..