أهم الأخبار

"بدنا ولادنا بس مش في قالب ثلج".. نداءات أهالي الشهداء

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

"توجّهت للتعرّف عليه، كان داخل كيس أسود، شعرت بشيء غريب، وانقبض قلبي، والهواجس تدور في رأسي، أيكون شخصاً آخر، ليس ابني، وكيف سيكون ملامح وجهه بعد تلك الشهور .. ثم بالكاد بدأت بفتح الكيس، في لحظات مرت بثقل الجبال، وإذ بي أذهل برؤيته متجمدا .. قرّبت يدي من وجهه وإذ به كالثلج، أغلقت الكيس فوراً، ولم أستلم جثمان نجلي حسن".

بكلمات مؤثّرة، استهلّ والد الشهيد الطفل حسن مناصرة حديثه عن وصف مشهد رؤية جثمان نجله المتجمّد، الذي لم يستطع أن يضمّه أو يقبّله أو حتى يكفّنه، بعد طول انتظار لتسلّم جثمانه، فما كان منه إلا أن أعاد إغلاق الكيس، ويقول لضابط الاحتلال "خذوه معكم، لن أدفنه وهو متجمّد وبهذه الطريقة".

وتشترط سلطات الاحتلال، بحسب تعهد مكتوب على العائلة أن يتم دفنه لحظة تسلّم جثمان الشهيد ودون تأخير، بمشاركة ما بين 30 إلى 40 شخصًا فقط، إلى جانب دفع كفالة مالية بقيمة 20 ألف شيقل  (ما يُعادل الـ 5 آلاف دولار)، لضمان شروط التسليم.

والد الشهيد خالد مناصرة الذي حاول بعد مفاوضات طويلة استرداد جثمان نجله "حسن" المحتجز منذ خمسة شهور، بشرط أن لا يكون الجثمان متجمّداً، عقبّ بالقول "نحن على دراية في هذا الموضوع من ذوي الشهداء الفلسطينيين الذين تم احتجازهم وتسليمهم سابقاً، حيث وصفوا لنا الوضع المأساوي للجثامين حينما تكون متجمّدة، لذلك كان هذا شرطنا الوحيد".

وأضاف "لم أتردّد لحظة في إعادة الجثمان"، ووجهت حديثي للضابط الإسرائيلي الذي وقف أمامي وقلت له "التزمْتُ في كل ما طلبتم منّي، ووعدتم بأن تلتزموا بشرطي الوحيد، ولكنكم لم تفعلوا"، وحصلت مناوشات كلامية، وقامت القوات بإبعادي، وحاول الناس إقناعي بإنهاء الموضوع، لكنني لم أستطع "فملامح حسن مختلفة، كإنه مومياء مجمّدة" يقولها والألم يعتصر قلبه.

لا يكف ذوي الشهداء المقدسيين عن النداءات والمناشدات لاستعادة جثامين أبنائهم، إلّا أن نداءهم اليوم كان "الأخير"، بحسب وصفهم.

وقالت عائلات الشهداء، خلال مؤتمر صحفي عُقد، اليوم الأربعاء، في القدس المحتلة، "إن لم يستجب المستوى السياسي الفلسطيني لنا ولنداءاتنا، فلن نتوجه لأحد وسنقاتل وحدنا في الحملة الشعبية لاستعادة جثامين الشهداء".

ويؤكّد الناطق باسم "اللجنة الشعبية لاستعادة جثامين الشهداء" (غير حكومية)، المحامي محمد عليان، أن الاحتلال  غير ملتزم بالشروط التي تم الاتفاق عليها مع ذوي الشهداء، كما أن مخابرات الاحتلال تحاول فرض شروط جديدة عند لحظة الاستلام.

ويضيف أن ذوي الشهداء يؤكدون رفضهم تسلّم أبنائهم وهم "قوالب من الثلج، غير قابلة للدفن"، مطالبين منظمة الصليب الأحمر الدولية بتكليف طاقم طبي لمعاينة جثامين الشهداء، والوقوف على ظروف احتجازها، خوفاً من أن يكون قد تم احتجازها تحت درجة حرارة شديدة البرودة، يُمكن أن تحدث ضرراً في الجثامين.

وتواصل مخابرات الاحتلال احتجازها لـ14 جثمانًا لشهداء فلسطينيين، منهم 12 من مدينة القدس المحتلة، وشهيدان من الضفة الغربية المحتلة.