بحث جيولوجي "إسرائيلي" : السلاسل الحجرية في القدس إسلامية بامتياز
أثارت نتائج بحث علمي صدر مؤخرا عن المعهد الجيولوجي الصهيوني، جدلا واسعاً، بعد توصله إلى أن السلاسل السندية الحجرية والزراعية المنتشرة في جبال وتلال القدس، هي إسلامية بامتياز بما لا يدعو للشك، وغالبيتها تعود للفترة العثمانية وأخرى لفترات إسلامية متعاقبة كالفترة المملوكية، وذلك بخلاف ما كان يروّج له من قبل أذرع الاحتلال - بغطاء علمي - أن هذه السلاسل ذات مشهد توراتي مشهود.
في حين نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريراً مطوّلا حول نتائج البحث تحت عنوان :" آباؤهم وليس آباؤنا"، كما اعتبرت أوساط صهيونية نتائج البحث بمثابة "هزة أرضية" أثارت جدلا صهيونيا واسعاً، خلال حلقة دراسية عقدت قبل أربعة شهور في مدينة القدس حول تلال المدينة الجنوبية.
والجدر أو السلاسل الحجرية السندية الزراعية، هي فكرة بسيطة للغاية، إلا أن لها دورا كبيرا، تتمثل بوضع حجارة ذات أحجام متوسطة وقريبة من بعضها البعض، على شكل سلاسل متراصة لا يتجاوز ارتفاعها المتر وتعتمد الشكل الطولي المتواصل على منحدرات الجبال والتلال، وذلك بهدف منع انجراف التربة، الأمر الذي يحفظ التربة ويضمن استمرار النشاط الزراعي دون عوائق في الجبال المزروعة بالشجر خاصة الزيتون واللوزيات.
يذكر ان هذه السلاسل الحجرية موجودة في غالبية جبال فلسطين، لكنها واضحة المعالم في جبال مدينة القدس والضفة الغربية المحيطة بها، وقد اعتمدت المؤسسة الصهيونية وأذرع الاحتلال رواية طوال عشرات السنين، تدّعي أن هذه السلاسل هي جزء "أصيل" من منظور توراتي حفظ لآلاف السنين، وبالتالي الضرب على وتر الحق الديني والتاريخي الموهوم في أرض الميعاد.
ونشرت مصادر صهيونية نتائج البحث الذي أعده المعهد الجيولوجي فيى الكيان وجامعات صهيونية كجامعة تل أبيب والجامعة العبرية في القدس وسلطة الآثار في الكيان وغيرهم، من خلال طريقة علمية حديثة لتحديد التأريخ (OLS)، نفّذها عدد من الباحثين الصهاينة المختصين بالاعتماد على مواد كيميائية تكشف تأريخ وتوقيت الرذاذ الترابي المدفون في الأرض، للعودة الى آخر فترة انكشفت فيه على الشمس قبل أن تغطي أسفل السلاسل الحجرية المذكورة.
وبعد فحص عشرات العينات من عدة جبال وتلال القدس وما حولها، تم تحليل النتائج - التي اعتُبرت مجلجلة - في المعهد الجيولوجي، حيث وُجد في العينات المأخوذة من السفوح الجنوبية الغربية للقدس بين القدس وبيت لحم، أن من بين 18 عينة ، تعود 12 منها الى الفترة العثمانية - أغلبها للقرن السابع عشر ميلادي وحتى القرن التاسع عشر ميلادي - وثلاث عينات تعود للفترة المملوكية قبل نحو 700 -800 عام، كما تعود احدى العينات للفترة الإسلامية المتقدمة قبل 1200 سنة، أي في الفترة العباسية ونهاية الفترة الأموية، بينما تعود عينة واحدة للفترة الرومانية المتأخرة – حسب ادعائهم – وهي الفترة المتاخمة لبدايات الفتح الإسلامي، ولا نستبعد أن تعود للفترة العربية اليبوسية الكنعانية حين سكنوا وعمروا القدس وجبالها وليس الرومان الذين احتلوا القدس في ذلك الوقت .
يشار الى ان البحث العلمي المذكور وبحسب المصادر الصهيونية ، لم يتوصل إلى أي اثبات أو دليل واحد يبيّن أن بناء السلسلة الحجرية السندية في الموقع المذكور يعود إلى ما يطلقون عليها فترة الهيكل الثاني المزعوم، في جبال القدس الغربية الشمالية، كما أشارت النتائج إلى وجود 24 عيّنة يعود تاريخها للفترة خلال 600 سنة الأخيرة، أي الفترات العثمانية والمملوكية، وست عيّنات تعود للفترة الرومانية، أو للفترة العربية الكنعانية.
إلى ذلك رجحت مصادر صهيونية تكثيف العمل للتشكيك بنتائج البحث أو على الأقل توسيع نطاقه أملا في تغيير النتائج ، والتي في طبيعة الحال عزّزت الرواية الفلسطينية العربية الإسلامية، وفنّدت مزاعم الاحتلال التوراتية.