المكتب الإعلامي- القدس المحتلة
تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة إلى تحويل باب الجديد- أحد الأبواب السبعة للبلدة القديمة- إلى منطقة سياحية يهودية تجارية عبر تغيير البنى التحتية والبلاط التاريخي فيه، بكلفة 2.5 مليون دولار على أن ينتهي المشروع عام 2016 المقبل.
وتدعم حكومة الاحتلال ممثلة بوزارتي السياحة و"شؤون القدس" وبلدية الاحتلال هذا المشروع التهويدي الجديد الذي أقرته مؤخرًا تحت عنوان "التطوير والترميم"، وستبدأ ما تسمى بـ"شركة تطوير القدس" بتنفيذه قريبًا.
وباب الجديد أو ما يعرف "باب عيد الحميد الثاني"، بني في عام 1886م بأمر من السلطان عبد الحميد، ليسهل على أهل البلدة القديمة والأحياء الجديدة التي أنشئت خارج السور الاتصال مع بعضها البعض بشكل مباشر دون الالتفاف إلى باب الخليل أو باب العمود.
ويتصف هذا الباب الذي يقع في الركن الشمالي من سور القدس التاريخي، بزخرفته المتواضعة وشكله البسيط، ولكن حسن صنيع البنائين جعل له حضور ثقافي فني دائم بجمال خاص وطعم خاص، ويصل إلى مناطق ومعالم وكنائس مسيحية، بالإضافة إلى مواقع إسلامية عريقة في البلدة القديمة.
تغييرات لمعالمه
ولتنفيذ مشروعه التهويدي، أجرى الاحتلال خلال الأشهر الماضية عمليات مسح عقاري لكامل المدينة المقدسة، بشوارعها وواجهاتها العمرانية وللعقارات والأسطح والأبواب والنوافذ فيها بهدف تهويد البلدة القديمة، كما يقول رئيس قسم الإعلام في مؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا.
ويوضح أن الاحتلال سيجري تغييرات إدارية في منطقة باب الجديد، وسيتم تحويل اللوحات الإعلانية وواجهات المحلات التجارية والمعمارية فيها إلى منطقة سياحية.
ويعتزم الاحتلال تعليق ما أسماها "المازوزة التوراتية" على باب الجديد "للتبرك فيها"، حسب ما يدعي بعض الحاخامات اليهود، وهي عبارة عن قطعة من الخشب تتضمن بعض الإشارات، ويوضع فيها "كلمات العشر التوراتية"، وبهذا "يصبح الباب يهوديًا"، كما يضيف أبو العطا
ويؤكد أن الاحتلال يركز على تلك المنطقة لأنه يوجد فيها بعض المعالم المسيحية، ويسعى لاستجلاب السياحة الأجنبية من أجل تمرير الرواية اليهودية، وهو بذلك يحاول نقل التجربة في منطقة بابي الخليل والمغاربة.
ومن المتوقع بدء العمل بالمشروع الإسرائيلي خلال الأسابيع القريبة، وسيستمر حتى نهاية عام 2016 المقبل، حيث يحاول الاحتلال تهويد تلك المنطقة، والتي تربط بشكل كبير ما بين غربي المدينة وشرقها.
وبهذا الصدد، يبين أبو العطا أن الاحتلال يركز على المنطقة باعتبار أنها منطقة حيوية وحساسة للغاية، ولقربها أيضًا من محطة القطار الخفيف، حيث يسعى إلى تكثيف الوجود اليهودي والمسار الاستيطاني فيها، لافتًا إلى أن السيطرة على الباب يعني السيطرة على المنطقة بكاملها.
ويشير إلى أن الاحتلال يضع يده على بابي المغاربة والخليل ويريد السيطرة على منطقة باب الجديد وتطوير مشروعه التهويدي.
وحول مخاطر المشروع، يقول أبو العطا إن تغيير المعالم بالمنطقة سيؤثر سلبًا على سكان المنطقة من المسلمين والمسيحيين، وقد يؤدي إلى تهجير بعضهم، في حال تم وضع اليد على بعض العقارات، كما يؤثر على الوضع الاقتصادي.
ويلفت إلى أن هذا المشروع يخدم "المشروع الصهيوني وليس الفلسطيني العربي الإسلامي في المنطقة"، واصفًا إياه بالخطير للغاية، وأنه يصب في إطباق السيطرة الإسرائيلية على كامل البلدة القديمة وعلى المسجد الأقصى، بالإضافة إلى تكثيف التواجد اليهودي بالمنطقة.
واقع خطير
ويقول رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات ، إن الاحتلال يسعى من خلال هذا المشروع إلى فرض بؤر استيطانية وخلق واقع خطير في البلدة القديمة ومحيطها، وفرض سيطرته على باب الجديد.
ويصف مساعي الاحتلال إلى دمج غربي المدينة بالبلدة القديمة بأنها عملية خطيرة لل
غاية بدأت عندما قامت بلدية الاحتلال ببناء أبنية جديدة، وأنشأت القطار الخفيف الذي لا يبعد كثيرًا عن باب الجديد.
ولا تزال حكومة الاحتلال ماضية في عمليات تهويد المدينة بطريقة خطيرة وممنهجة، وتريد أن تدخل إلى عمق البلدة القديمة، والاستفادة من المساحات الموجودة في المنطقة لخلق واقع جديد فيها.
ووفق بكيرات، فإن الاحتلال ماضٍ في مشروع تهويدي ممنهج بهذا الباب ليس بعيدًا عما يجري في المسجد الأقصى، ومحاولات السيطرة على مداخل البلدة القديمة، فهو يريد جعل هذا الحزام استيطاني يهودي من أجل تطويق الأقصى بوجود إسرائيلي.
و"حينما تسيطر إسرائيل على بوابات البلدة القديمة فهي تسيطر بذلك على بوابات الأقصى"، يؤكد بكيرات، مبينًا أن الاحتلال يحاول بشكل حثيث أن يجعل الوجود العربي في المدينة ضئيلًا، وذلك من خلال خلق جغرافية يهودية، وبالتالي طرد السكان من المدينة.
تهجير وشلل اقتصادي
وللمشروع التهويدي مخاطر عديدة على سكان المنطقة تتمثل -بحسب بكيرات- في "فقدان السكان لمنازلهم وتهجيرهم منها، وكذلك هدم المحال التجارية الموجودة بالمنطقة، بالإضافة إلى شل الاقتصاد في البلدة القديمة، كما تم في بابي المغاربة والخليل.
ولكنه ينبه إلى أن الخطر الأكبر يتمثل في خسارة الهوية العربية الإسلامية لهذه المنطقة، وخلق هوية يهودية جديدة، عبر إنشاء الكنس والمعالم والمدارس اليهودية.
وعن كيفية مواجهة هذا المشروع، يؤكد بكيرات أن على المجتمع المقدسي أن يحتج ويقاوم المشروع بكافة الأشكال، بالإضافة إلى فضح سياسات الاحتلال وممارساته بالمدينة.
والمطلوب من الدول العربية التي عقدت اتفاقيات مع "إسرائيل" أن تستخدم كل الوسائل الضاغطة لتعرية الاحتلال، لما يقوم به من عمليات غير قانونية وغير واقعية في المدينة المقدسة، بالإضافة إلى مخاطبة منظمة اليونسكو والجهات الحقوقية للتحرك العاجل لوقف هذا المشروع الخطير.
ويضيف "نحن بحاجة للغة خطاب جديدة لعزل "إسرائيل" وفضحها، ومحاولة فك الحصار عن الفلسطينيين ومناصرتهم".