أهم الأخبار

مقاومة الضفة بعام 2014 تستعيد عافيتها والعمليات الفردية الحل

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0
بعد أن تباهى الاحتلال في عام 2013 أن عدد قتلى جنوده ومستوطنيه في الضفة قارب على الصفر نتيجة التنسيق الأمني جاء النصف الثاني من عام 2014 عاصفا بأشكال مختلفة من العمليات التي أخذت في غالبها سمة العمليات الفردية، وكانت القدس والخليل مسرحا رئيسا للأحداث.
 
وكانت عملية خطف وقتل المستوطنين الثلاثة في مفرق عتصيون قرب الخليل الحدث الأبرز في الضفة الغربية لعام 2014، وهي العملية التي أشغلت الرأي العام لثلاثة أسابيع نبش خلالها جيش الاحتلال القبور قبل أن يتمكن من الوصول لجثث مستوطنيه، فيما تدحرجت العملية لاحقا لتكون أحد مسببات العدوان على غزة.
 
وقد شكلت عملية خطف المستوطنين وما رافقها من أحداث بؤرة تسخين أفضت لاعتقال مئات من النشطاء والنواب ومداهمة آلاف المنازل وانتهت باغتيال مقاومين اتهمتهما قوات الاحتلال بالوقوف خلف العملية، وهما الشهيدان مروان القواسمي وعامر أبو عيشة.
 
وفي زحمة الأحداث؛ جاءت جريمة المستوطنين البشعة باختطاف وحرق الفتى محمد أبو خضير في مدينة القدس المحتلة، وهي الجريمة التي هزت الرأي العام المحلي والدولي، وأعقبها  تدحرج للأحداث أثبت أن سكون الضفة لا يراهن عليه.
 
وكانت محاولة اغتيال الحاخام المتطرف يهودا غليك في  29-10-2014  من الشهيد معتز حجازي من حركة الجهاد الاسلامي بإطلاق النار عليه من مسافة صفر في المدينة المقدسة أثناء توجهه لاقتحام المسجد الأقصى مع مجموعة من المستوطنين إحدى العمليات البارزة لهذا العام في إطار الردود على استفزازات المستوطنين في الأقصى.
 
وفي 18-11-2014 ترجل فارسان من جبل المبكر هما الشهيدان غسان وعدي أبو جمل ونفذا عملية نوعية هزت الكيان الصهيوني؛ باقتحامها معهدا للحاخامات الصهاينة في مدينة القدس وقتلوا أربعة من كبار الحاخامات الصهاينة وشرطيا صهيونيا وجرحوا العشرات.
 
الدهس على المقاس الفلسطيني
وفي 04‏/08‏/2014 قتل صهيوني على الأقل وجرح أربعة آخرون بعد اصطدام جرافة يقودها شاب مقدسي بحافلة صهيونية في شرقي القدس، قبل استشهاده برصاص قوات الاحتلال.
 
وتفجرت الأوضاع من جديد؛ حين أقدم الشاب عبد الرحمن الشلودي (20 عاما) في 23 أكتوبر الماضي على دهس عدد من المستوطنين بالقرب من القطار الخفيف بمدينة القدس المحتلة، مما أدى لمقتل صهيونيين وإصابة ثمانية.
 
وتلا ذلك قتل صهيونيين وإصابة 14 بجراح مختلفة في عملية "دهس" بطولية نفذها  الشهيد إبراهيم العكاري من سكان "حي شعفاط" بمدينة القدس المحتلة، في الخامس من نوفمبر الماضي، وقد استشهد برصاص قوات الاحتلال في مكان العملية.
 
وفي  1/12/2014، قتل مستوطن دهسا قرب مستوطنة مجداليم جنوب نابلس، حيث توفي متأثرا بجراحه في اليوم التالي.
 
الطعن يضرب بكل مكان
وشكلت عمليات الطعن بأشكالها المختلفة رديفا لعمليات الدهس، وأقضّت مضاجع المستوطنين في الضفة والقدس وأراضي 48  حتى أصابتهم بالهوس وقللت حركتهم بشوارع الضفة إلى حد كبير، حيث شهد العام الجاري عشرات عمليات الطعن وكذلك محاولات الطعن.
 
وفي (10-11-2014 )، قتل جندي صهيوني، بعد تعرضه لعملية طعن على يد الشاب نور أبو حاشية من مخيم عسكر في نابلس في محطة الباصات المركزية بـ"تل أبيب" بمركز الأراضي المحتلة عام 1948، فيما أصيب مستوطن صهيوني آخر بجراح طفيفة جراء العراك مع المنفذ.
 
وقبل أن يفيق الاحتلال من وقع الصدمة، وفي يوم 11-11- 2014 ، قتلت مستوطنة تبلغ (26 عاما) وأصيب مستوطنان آخران بجروح خطيرة ومتوسطة بعملية طعن نفذها الشاب ماهر الهشلمون من حركة الجهاد الاسلامي بالخليل، على مفرق تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" شمال الخليل جنوب الضفة.
 
وفي 24-11- 2014 أصيب مستوطنان في البلدة القديمة في القدس عقب طعنهما من قبل شاب فلسطيني. وفي  1/12/2014، تم طعن مستوطن عند مفرق مستوطنات عصيون وإصابته بجروح، وإصابة المنفذة بجراح خطيرة واعتقالها، أما يوم  3/12/2014، فقد شهد إصابة مستوطنين اثنين في عملية طعن بمستوطنة ميشور أدوميم في عملية نفذها الشاب سليم أبو اسنينة من العيزرية في القدس.
 
ولم يكن ما سبق من عمليات طعن ودهس سوى جزء من عديد عمليات طعن ودهس  أخرى أربكت الاحتلال على كامل تراب أرض فلسطين التاريخية.
 
قناص الخليل واللغز المستمر
ورغم إسدال الستار على عام 2014 ؛ فإن لغز ما بات يعرف بقناص الخليل والذي قتل جنديا صهيونيا يدعى جال كوبي قرب الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل جنوب الضفة في 22-9-2013 ، ما يزال غامضا، وقد انقضى عام آخر على فشل استخباراتي عميق في الوصول إليه.
 
وكانت عائلة الجندي القتيل قالت لصحيفة "معاريف" الصهيونية في الذكرى السنوية الأولى لمقتله إن اعتقال الفاعل كان سيواسي مصابها بعض الشيء إلا أنها لا تعول كثيرًا على اعتقاله بعد مرور كل هذا الوقت.
 
وكانت مصادر في جيش الاحتلال "عدّت عملية قنص الجندي من أعقد العمليات التي واجهت أمن الاحتلال خلال السنوات الأخيرة، وأن ما صعَّب على الأمن مهمته في الوصول للقناص هو قيامه بعملية فردية دون علم أحد آخر، إذ إن الاعتقالات والتحقيقات التي أجريت عقب العملية لم توصل إلى أي نتيجة".
 
الحجارة تعود من جديد
وقد تصاعدت خلال عام 2014 المواجهات مع قوات الاحتلال في كل المواقع، وشكلت القدس عنوانا لانتفاضة ساخنة غير معلنة، سعت حكومة الاحتلال لمحاولة السيطرة عليها دون جدوى من خلال قوانين بائسة كالتشريع لمحاكمة المقدسي الذي يشارك بإلقاء الحجارة بـ20 عاما، وكذلك سحب هويته المقدسية وغير ذلك من العقوبات التي تعكس أزمة الاحتلال في السيطرة على المواجهات.
 
وبحسب المراقبين والجهات التي ترصد نقاط المواجهة مع الاحتلال؛ فقد كان يسجل أسبوعيا ما بين 40-80 نقطة مواجهة في الضفة والقدس تعكس توجها عاما وشعبيا للمشاركة بالمقاومة بكافة أشكالها.
 
الاحتلال يخرج عن طوره
وقد أخرجت هذه العمليات قادة الاحتلال عن طورهم؛ فقد هدد وزير الجيش الصهيوني "بوغي يعلون" بتنفيذ عمليات اعتقال واسعة ضد الفلسطينيين "وقتل كل من يحاول قتل اليهود"، بحسب تعبيره، وأقرّ أنهم في خضم مواجهة متصاعدة من عمليات الطعن والدهس.
 
وكذلك أوعز رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، بيني غانتس، إلى قادة وحدات الجيش المنتشرة في الضفة بالحفاظ على اليقظة والتهيؤ لاحتمال تصاعد "أعمال العنف"، وأنزل 2500 جندي صهيوني إضافي للضفة في إطار "سياسة القبضة الحديدية".
 
كما أعلن نتنياهو عن العودة لسياسة هدم المنازل ردا على الهجمات، وشرعت قوات الاحتلال بمداهمة منازل منفذي العمليات وتسليم إخطارات هدم والشروع في هدم بعضها.
 
واتهمت جهات صهيونية عديدة أجهزة أمن الاحتلال ومخابراته بالفشل الاستخباراتي مرتين، الأولى في حرب غزة والثانية في التنبؤ بأحداث القدس.
 
وقد لخصت صحيفة هآرتس الصهيونية في تقرير لها مطلع ديسمبر 2014 الحالة الصهيونية بعد سلسلة العمليات في القدس بالقول "...إن كل "إسرائيلي" يصبح يلتف حول نفسه عشرات المرات في اليوم الواحد، وهذا بسبب تزايد حالة البغض والكراهية، نتيجة تزايد التوتر في مدينة القدس في الآونة الأخيرة".
 
المباغتة سمة عمليات 2014
ويؤكد الباحث وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الستار قاسم أن سمة المباغتة والمفاجأة للاحتلال ومخابراته ميزت العمليات التي تمت في القدس والضفة خلال عام 2014؛ حيث إنها تتم في دوائر مغلقة وضيقة بين شخص أو شخصين ولا تعلم عنها أجهزة أمن الاحتلال شيئا فأصيبت بالإرباك.
 
وأضاف: إن المقاومة هي الحالة الطبيعية لشعب تحت الاحتلال الذي يفترض به أن يربك عدوه ويضر استقراره لكي تبقى قضيته حية، وما يحاول البعض ترويجه حول ضبط النفس والمراهنة على التسوية يخالف المنطق.
 

وأردف: إن لدى الفلسطينيين من المبررات والانتهاكات المستمرة للاحتلال ما يولد استمرار هذا النوع من العمليات التي تؤكد أن فلسطين لم تعد أمنة للاحتلال.