أهم الأخبار

طعامهم ملح وماء بقلم: خالد معالي

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

ما أصعب الكتابة عن الأسرى!؛ فمعاناتهم لا يمكن وصفها بكلمات لشدتها، ولمن لم يعايش حياة الأسر نقول: إن الأسير حين يقرر الإضراب عن الطعام لا يكون ذلك بطيب خاطر منه، بل يكون مكرهًا أمام شدة معاناته، وصلف السجان.

كيف يعيش الإنسان على الماء والملح أيامًا وأسابيع وأشهرًا، في معادلة صعبة ومعقدة في الصراع مع السجان، بل إن الملح يلاحقه السجان، ويفتش الأسير المضرب أكثر من مرة؛ لينتزع منه الملح؛ للضغط عليه كي يفك إضرابه؛ فالملح يعمل على عدم تلف المعدة والجهاز الهضمي، وهو ما يزيد من مدة الإضراب لدى الأسرى الأبطال.

القيم والمعاني الإنسانية السامية التي يجسدها الأسرى _خاصة المضربين منهم_ جديرة بأن يضحى لها، ويعلى شأنها؛ ومن حق الأسرى على المسلمين والخارج نصرتهم ولو بأضعف الإيمان، ولو بالاعتصام والدعاء بالثبات والإفراج.

حكاية صعبة، ولا يصدقها العقل: خارج السجن يتلذذ الإنسان بمختلف أنواع الأطعمة، لكن في السجن لا طعام إلا الملح والماء للأسرى المضربين، فهو غذاء الأحرار، ومن يبحثون عن حرية وطنهم وعزته.

من لم يجرب الأسر، ولم يتجرع مرارة وقسوة قلب السجان، ويتناول ما لذ وطاب على موائد الطعام؛ فعليه أن يتذكر ويتضامن مع إخوته الأسرى والأسيرات، وخاصة المضربين عن الطعام والمعزولين عن العالم الخارجي.

الماء والملح هو وجبة الإفطار والغداء والعشاء للأسرى المضربين، يضطرون إليها كي يحافظوا على استمرارية إضرابهم؛ الأسر يعني الموت البطيء؛ فالأيام تمر سريعًا خارج السجن، ولكن داخله تمر الثواني ثقيلة وبطيئة ومعها العذاب.

واجب على كل مسلم وفلسطيني وحر وشريف في العالم إيجاد وسيلة لدعم الأسرى الإداريين المضربين، وبقية أبناء الحركة الأسيرة، أو تقديم ولو شيئًا بسيطًا للضغط على الاحتلال؛ من أجل معاملتهم كأسرى حرب، وتحقيق مطالب الأسرى المضربين العادلة بالإفراج عنهم.

اعلموا _إخوتي المسلمين والفلسطينيين والعرب_ وأنتم تدعون الله أن ينصر المسلمين أن الأسرى الأبطال المضربين وغيرهم يحتجزون في غرف وزنازين ضيقة ومتسخة، يصاحبهم بها عشرات الفئران والحشرات الضارة، ويخضعون للتفتيش والقمع باستمرار، وتصادر أغراضهم، إذا ارتفع صوت أحدهم بقراءة القرآن أو الصلاة.

معاناة الأسرى لا تتوقف، وتصل حتى ذويهم، إذ تحرم العائلة وجود ابنها أو رب الأسرة معها، وتبقى ألسنة ذويهم تلهج بذكر الله والدعاء لهم بالإفراج العاجل، والتخلص من عذاب الأسر.

هكذا تشكل قضية الأسرى المضربين وإخوانهم في سجون الاحتلال وجعًا وألمًا دائمًا لكل حر وشريف، ليس فلسطينيًّا وحسب، بل عالميًّا أيضًا؛ كونهم يدافعون عن قيم الحرية والكرامة والعدالة، وهو ما يدفع أصحاب الحس الإنساني إلى التضامن معهم.

يثاب المسلم على فعل الخير، وقمة الخير والأجر والثواب والعطاء أن ينصر المسلم مظلومًا، فهل تحركنا سريعًا، وتضامنا ونصرنا أسرانا الأبطال المضربين عن الطعام؛ لنرفع الظلم الواقع عليهم؛ ليزيد أجر وثواب فعلنا للخيرات، "والله يضاعف لمن يشاء".