حراك المقاومة المسلحة في الضفة بقلم/ حماد صبح
يبدو أن حراك المقاومة المسلحة في الضفة الغربية ينحو للتصعيد. وقدم مقتل ضابط الاحتياط بيداموس شريا عوفر في الأغوار الجمعة الماضية درجة عالية في ذلك التصعيد صدمت (الإسرائيليين) في متباين المستويات. قال بيريز الرئيس (الإسرائيلي): " هذا الحادث يعد عملا قاسيا للغاية "، وقيم داني دانون نائب وزير الحرب أحداث التصعيد بأنها: " سلسلة اعتداءات لاصلة بينها إلا أنها ترسم صورة مزعجة للوضع ". وردا على عملية الأغوار طالبت أصوات (إسرائيلية) بوقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وعدم إطلاق المزيد من أسرى ما قبل أوسلو. وفي خلفية أحداث الضفة يردد نتنياهو دون توقف أن المفاوضات مع السلطة لم تحقق حتى الآن أي شيء، ويصاحب ترديده بيانات وآراء (إسرائيلية) تؤكد مجتمعة أن الأمور تمضي نحو عدمية حقيقية في ما يخص أي إنجاز للحد الأقل مما تأمله السلطة الفلسطينية من المفاوضات مع (إسرائيل). وما سبق يفتح الباب متسعا لردات فعل فلسطينية شعبية في الضفة لن تكون إلا حراكا مسلحا أو انتفاضة تنطوي على نشاط مسلح. عشرون عاما من الهدوء النسبي في معظمها،والمفاوضات المتقطعة بين السلطة و(إسرائيل) لم تنتج أي منجز وطني فلسطيني يصلح للبناء عليه باتجاه أي كيانية سياسية فلسطينية مقبولة. وفي كفة المنجزات (الإسرائيلية) وقائع وحقائق بشرية وعمرانية في الضفة والقدس تستحيل إزالتها أو التخفيف منها في أي مفاوضات. إذن ماذا يبقى سوي المقاومة المسلحة المستقلة أو المنضوية في بنية انتفاضة متنوعة الأساليب؟ (إسرائيل) عقيدة وواقعا لا يزحزحها عما بلغته ولا ينتزع منها ما أخذته أو بعض ما أخذته إلا القوة المسلحة مهما كان حجمها صغيرا؛ فهي ذات حساسية غريبة بل خوف عميق من أن يستعمل أحد القوة ضدها، ولحسياسيتها وخوفها سببان. الأول: هشاشة مناعة مواطنيها في مواجهة القوة المسلحة بحكم أنهم مهما اشتد تعلقهم بالمكان يظلون يتلفتون وراءهم، للخارج، وتصديا لتلك الهشاشة تتشدد القيادة (الإسرائيلية) في ضمان أعلى مستويات الأمن لهم حتى لا يتنامى تلفتهم للوراء وللخارج فيتقوض المشروع الصهيوني بكامله. ثانيا: (إسرائيل) قامت ودامت حتى الآن بالقوة أو بالعين الحمراء مثلما كان بن جوريون يقول، وأي قدر من التحدي لهذه القوة يمس عصبها الحساس ويتجه مباشرة لزعزعة أفعل أدوات وجودها. وينتج هذا المفهوم لصلة (إسرائيل) بالقوة اقتناعا قويا بأنها ستفعل كل ما تستطيع لمنع أي حراك مسلح في الضفة خاصة بالإغراءات والتنازلات العابرة للسلطة الفلسطينية. وهي قطعا لا تريد حراكا مسلحا تضطر للرد عليه بالسلاح لمعرفتها أبعاد خطورته عليها في الضفة وفي داخلها وفي المنطقة وفي العالم. وأول خطورة له أن سيحرمها الحالة والصورة الهادئتين اللتين تنفرد بهما في منطقة تتعاقب عواصفها واضطراباتها منذ ما يزيد على العامين. فهل يهدأ حراك المقاومة المسلحة في الضفة مثلما تشتهي (إسرائيل) أم ينحو قدما للتصعيد؟ ستجيب على هذا الأحداث القريبة في الضفة.