دروس فلسطينية من الانتخابات الإسرائيلية
تاريخ النشر : الثلاثاء , 16 أكتوبر 2012 - 2:36 صباحاً بتوقيت مدينة القدس
د. فايز أبو شمالة
دققوا في بيان "نتانياهو" الانتخابي، ولمضمون إعلانه عن تبكير موعد الانتخابات الإسرائيلية، ولاحظوا ما تخفيه الجمل السياسية من حقائق يتوجب ألا تغيب عن وعي أي سياسي فلسطيني، ولاسيما حين يقول "نتانياهو" بلغته العبرية الفصيحة:
"واجبي كرئيس الوزراء أن أضع المصلحة الوطنية العليا فوق أي مصلحة أخرى، ومصلحة إسرائيل تستوجب التبكير في الانتخابات قدر الإمكان. إن معركة انتخابية في غضون ثلاثة أشهر هي أفضل من معركة انتخابية بعد سنة، إن حكومتي هي الحكومة الأكثر استقرارا في تاريخ حكومات إسرائيل الأخيرة، وقد أسهم استقرار حكومتي في تحقيق الهدفين المركزيين الذين وضعتهما لنفسها، وهما: تحقيق الأمن، والتطور الاقتصادي"
انتهى كلام "نتاياهو" الذي يحمل الصدق والجدية، وبغض النظر عن كثير من أراء الكتاب العرب والمحللين الذين يصفون "نتانياهو" بالكذب، وأنه يهرب من ضائقة أمنية واقتصادية إلى الانتخابات، إذ يكفي أن ندقق في استطلاعات الرأي التي أعطت حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو أفضلية من 5 إلى 6 مقاعد في الانتخابات القادمة، معنى ذلك أن الليكود سيتمتع بأغلبية برلمانية تصل إلى 32 أو 33 مقعداً، ومعنى ذلك أن "نتانياهو" صار حلماً للإسرائيليين، وموضع ثقة الأغلبية بسياسته الأمنية التي ركزت على توسع الاستيطان، وتجاهل القضية الفلسطينية بشكل نهائي، واعتمدت التطور الاقتصادي في مجمل الميادين.
إن مصلحة إسرائيل العليا هي التي تجعل شخصية سياسية مثل "نتانياهو" يقدم على تبكير الانتخابات رغم استقرار حكومته، وتكمن المصلحة الإسرائيلية في حسن قراءة الواقع المتغير، وترتيب البيت الإسرائيلي على حسب نتائج الانتخابات الأمريكية، لأن "نتانياهو" يعرف أن نجاح "أوباما" معناه الصدام مع الحكومة الإسرائيلية الراهنة؛ ومصلحة إسرائيل تقضي بأن يذهب "نتانياهو" المتهم بدعم "مت رومني"، وهذا
"دانى دانون" عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، وينتقد سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علانية، ويصفها باكارثية، لندرك أن تبكير الانتخابات يخدم مصلحة إسرائيل العليا.
فإذا كان قرار نتانياهو يعكس حرصاً شخصياً وحزبياً على مصلحة إسرائيل العليا، ويعتبر خطوة ذكية لمواجهة المتغيرات الإستراتيجية في العالم، فماذا اتخذت القيادة الفلسطينية من خطوات؟ وهل هي على استعداد لتحمل نتائج قرارها تأجيل التقدم بالطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية؛ دعماً للرئيس أوباما الذي تراهن عليه؟!.
وإذا كان نتانياهو" يقرر وهو في قمة مجده؛ الانسحاب من رئاسة الحكومة الإسرائيلية تحسباً لفوز "أوباما"، فهل اتخذت القيادة الفلسطينية قرارها بالتخلي عن السلطة في حالة فوز "مت رومني"؟ أم أن القيادة الفلسطينية تصلح لكل زمان ومكان، وتناسب مع كل الملوك والرؤساء منذ زمن نيكسون، وفورد، وجونسون، وكارتر، وبوش الأول، وكلنتون، وغيرهم من الرؤساء الذين تغيروا، ولم تتغير القيادة الفلسطينية، لأنها تتناسب مع حسني مبارك وتتوافق مع نقيضه الدكتور محمد مرسي، وهي تتعايش مع القذافي ولا تختلف مع الثوار الذين قضوا عليه، وهي صديقه لزين العابدين، ومستعدة لتكون صديقة للتونسيين الذين ثاروا عليه!
لقد انتصرت إسرائيل، وأبحرت مراكبها في أعالي البحار لأنها تتغير بسرعة وفق المستجدات، وتغير قيادتها، ولا تركن إلى مجداف واحد مهما كانت روعته، بينما ظلت مراكبنا الفلسطينية تتخبط في مياه ضحلة، لم تبحر بعد عشرات السنين، وقد تكسرت مجاديفها!.