بعد 23 عام على أوسلو ... فلسطين الى اين
اتفاق أوسلو هو عبارة عن اتفاق سلام مزعوم، وقَعه الصهاينة مع منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، وسمي الاتفاق بذلك الاسم نسبة إلى مدينة "أوسلو" النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية عام 1991م، والتي أفرزت هذا الاتفاق فيما عرف بمؤتمر مدريد للسلام.
فاتفاقية أوسلو تعتبر أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الكيان الصهيوني ممثلاً بوزير خارجيته آنذاك "شمعون بيريز"، ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية آنذاك "محمود عباس".
ورغم أن التفاوض بشأن الاتفاقية تم في مدينة "أوسلو" النرويجية، إلا أن التوقيع تم في "واشنطن" الأمريكية، بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك "بيل كلينتون" ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات" ورئيس وزراء الاحتلال "إسحاق رابين".
ويشكل اتفاق أوسلو منعطفاً مهما في تاريخ الصراع الاسلامي العربي مع الصهاينة
فاتفاق أوسلو وُقع بين العدو الصهيوني ومجموعة لا تمثل إلاّ تيار من الشعب الفلسطيني، والذي لم يُأخذ راية في هذا الاتفاق،
ولقد أتى الاتفاق بنتائج كارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته لا تقل سوءاً عن نتائج نكبتة عام 1948م وعام 1967م.
ففي نكبة 1948م خسر الفلسطينيون 78 بالمائة (%) من أرضهم وتم تهجير نسبة كبيرة من السكان وارتكبت المجازر بحق من تبقى منهم، أما في نكسة 1967م فقد ضاع ما تبقى من أرض فلسطين وتم تهجير مزيداً من الفلسطينيين، أما اتفاق أوسلو فآثاره فاقت ما سبق لأنه هدفَ لاجتثاث القضية من جذورها وتفريغها من مضمونها وشرعنه الاحتلال وإرغام الشعب الفلسطيني المجاهد للخضوع والرضى بذلك وهذا ما بدأ تطبيقه بعد الاتفاق.
فأسلو فكك المشروع والقضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، وقسم الأرض والشعب جغرافياً ومجتمعياً ووطنياً، واجل قضايا القدس والأسرى واللاجئين .
وتطورت هذه الاتفاقية السياسية خلال ثمانية أشهر، لتتبعها تنازلات أخرى مثل اتفاقية (باريس الاقتصادية) في نيسان 1994، وما تلاها من اتفاقيات جزئية مكملة لها في "واي ريفر" ، ثم تقسيم مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ،¬ الى مناطق ( أ ، ب، ج )
مناطق أ : وهي مناطق خاضعة أمنيا وسياسيا للسلطة الفلسطينية
مناطق ب: وهي مناطق خاضعة مدنيا للسلطة الفلسطينية.
مناطق ج : وهي مناطق خاضعة للاحتلال الصهيوني كليا ، سياسيا وأمنيا ومدنيا ¬.
ومناطق رابعة وهي المحميات الطبيعية والاحراش والغابات بتقاسم مشترك بين السلطة الفلسطينية والاحتلال.
وتكمن خطورة الاتفاق في:
أولاً: إعطاء الاحتلال الصهيوني الغاصب شرعية على الأرض الفلسطينية التي احتلها عام 1948م.
ثانيا: تتمثل في اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بوجود الكيان الصهيوني على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة وغزة- مقابل الاعتراف الصهيوني بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني فقط.
ثالثاً: استبعاد ملفات مركزية وتأجيلها للحل النهائي بلا سقف زمني ملزم ، مثل القدس ، والاستيطان الصهيون ، والمعابر والحدود ، وعودة اللاجئين لمواطنهم وقراهم الأصلية ، والأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني أصحاب الاحكام العالية، وإدارة الموارد الطبيعية وغيرها.
رابعاً: ضرب وحدة الشعب الفلسطيني، فيعتبر أوسلو بداية الانقسام الحقيقي (وهو احدى اهم اهداف الصهاينة) . حيث عمل اتفاق أوسلو ايضا الى تقسيم المجتمع الفلسطيني جغرافيا إلى مجموعات، بعضهم يعيش في (اراضي 48 ) والبعض الآخر يعيش في القدس، وبعضهم في الضفة الغربية والبعض الآخر يعيش في قطاع غزة، ناهيك عن اللاجئين الفلسطينيين المبعثرين في كافة أنحاء العالم، وأصبحت إفرازات أوسلو ومؤسساته تتحدث عن الوطن وكأنه الضفة وغزة، ونسيت شعبنا الفلسطيني المرابط منذ أكثر من ستين عاماً في الداخل الفلسطيني، وتناست أغلبية شعبنا الفلسطيني المهجّر خارج فلسطين ومعاناته في مخيمات الشتات.
خامساً: ان تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية بما يسما(الإرهاب والعنف) – أي ان تمنع المقاومة المسلحة ضد الكيان حتى ولو كان دفاعا مشروعاً- وتحذف من ميثاقها البنود التي تتعلق بالعمل المسلح وتدمير الكيان . بمعنى ان تنفذ وتلتزم المنظمة من جانبها بالاتفاقيات بحذافيرها بينما المحتل من جانبة غير ملزم بجميع التعهدات.
سادساً: السكوت على العملاء والجواسيس مما ساعد البعض منهم على اختراق مؤسسات الشعب الفلسطيني.
سابعاً: تمثلت في توفير الحماية الامنية للمغتصبين الصهاينة، مقابل وقوفها عاجزة امام تغول المغتصبات على الأراضي الفلسطينية، واعتداء المغتصبين على اعراض وانفس المواطنين.
ثامناً: التنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني (والذي تعتبره بعض قيادات السلطة بالمقدس)، والزج بمئات النشطاء الفلسطينيين من المعارضة الوطنية والاسلامية في السجون الفلسطينية كمعتقلين سياسيين معارضين لمسيرة أوسلو..
تاسعاً: ان الوفد الصهيوني كان يضم طاقم من الكفاءات العلمية، وخبراء في كافة المجالات، وحقوقيين، وضباط امنيين وعسكريين، بينما الوفد الفلسطيني السري كان في اغلبه كادر سياسي من غير الكفاءات ، مما افقدنا الكثير من الحقوق.
عاشراً: الحاق اتفاقية باريس الاقتصادية باتفاق اوسلو، فبذلك خضع الاقتصاد الفلسطيني الهش، واُلحق بالاقتصاد الصهيوني القوي .
لا يشك عاقل بأن اتفاقية أوسلو قد حققت للصهاينة الغاصبين ما لم تحققه آلات القتل والتشريد والترهيب التي استخدمها العدو في مواجهة شعبنا الفلسطيني، وهو يدل على التفريط في الحقوق من قبل المفاوضين.
وكان الكيان الصهيوني يهدف من جراء توقيع اتفاق أوسلو مع المنظمة الى تحقيق عدة أهداف منها:
1- نسف المقاومة والميثاق الوطني وبرنامج فصائل منظمة التحرير.
2- تحويل حركة فتح كبرى الحركات المسلحة من حركة تحرر وطني إلى سلطة تخضع لدولة الاحتلال. .وبالتالي تحجيمها وتحيدها من الصراع.
3- إنهاء للانتفاضة الاولى بعد أن عجزا الكيان عن ايقافها بشتى الوسائل
4- شق الصف العربي والإسلامي بصورة عامة والصف الفلسطيني بصورة خاصة ، من خلال تغير مفاهيمه عن طبيعة الصراع مع الصهاينة وان الأرض ممكن ان ترجع بالمفوضات وليس بالعمل المسلح.
5- فتح الأبواب امام الكيان ليوقع اتفاقيات مستقلة مع بعض الدول العربية ، سواء سياسية او تجارية ، تكون بمثابة الباب للتغلغل الصهيوني داخل المجتمعات العربية، وقبول فكرة التطبيع مع الصهاينة ومحو فكرة إزالة الكيان من العقلية العربية .
وأخيرا فاتفاقية أوسلو اعتبرها البعض اكبر عملية خداع استراتيجي ، وأن توقيعه من اكبر الكوارث في تاريخ الشعب الفلسطيني، وكان بمثابة النكبة الثانية.
كما ان اعلان قيام سلطة ودولة على جزء من فلسطين قبل انهاء الاحتلال، بمثابة وهم واغتراب.
فالسلطة القت ورقة القوة التي تملكها وهي المقاومة والكفاح المسلح قبل ان تحصل على أياً من حقوق الشعب. وهذا يعتبر من الغباء السياسي كما سماه صلاح خلف.
• في الختام أكد المجتمعين على التالي:
1. رفض اتفاق اوسلوا بالكلية واعتباره خارج عن إرادة الشعب الفلسطيني والامة العربية والإسلامية.
2. ضرورة إلغاء هذا الاتفاق المجحف وما تبعه من اتفاقيات اخرى لما الحقه من اذى بشعبنا على طول سنوات مضت على هذا الاتفاق.
3. التأكيد على خيار المقاومة الذي ينتزع الحقوق ويحرر كل الأرض وأن الحقوق لا توهب وانما تنتزع انتزاعاً
4. فلسطين أرض المسلمين جميعاً وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل إن الامة هي شريكة في تحرير ارضها المغتصبة في فلسطين.
5. التأكيد على وحدة شعبنا المستندة الى مقاومته وحقوقه دون انتقاص .