يستقبل الفلسطينون؛ غدًا الأربعاء عيد الفطر السعيد، أسوة بالمسلمين في بقاع الأرض، تلك المناسبة التي خُصصت للفرحة والتزاور والتراحم، ستكون فيها مئات العائلات الفلسطينية "منقوصة الفرحة"، مقترنة بالألم والحزن؛ بعد أن فقدت أبناءً لها ما بين أسير وشهيد.
فمنذ انطلاق انتفاضة القدس (بداية شهر تشرين أول/ أكتوبر 2015)، وحتى اليوم الأول من عيد الفطر، ارتقى 225 فلسطينيًا شهداء برصاص واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين. حال تلك العائلات كغيرها من آلافٍ أخرى، يعتقل الاحتلال أبنائها أسرى في سجونه.
والد الشهيد صادق غربية (16 عامًا)، من قرية صانور قرب مدينة جنين (شمال القدس المحتلة)، يقول إنه وعائلته خلال شهر رمضان المبارك، افتقدوا ابنه "صادق" على مائدة الإفطار وفي صلاة التراويح وعند زيارة المسجد الأقصى (...)، "ففي مثل هذه الأوقات من العام الماضي كان صادق يشاركنا كل اللحظات".
وأضاف زياد غربية، أن المناسبات المختلفة عادة ما تكون سببًا لاستحضار الذكريات وتجدد الحزن والألم على فقدان عزيز، وهذا ما يشعر به وعائلته مع حلول عيد الفطر، حيث كان من المفترض أن يكون نجله صادق معهم يشاركهم كبقية أشقائه فرحة العيد.
وأشار إلى أن ما يخفف من المصاب بل يزيدهم فخرًا، هو أن ابنه ارتقى شهيدًا، معتبر ذلك "كرامة من الله تعالى لهم (...)، أكرمنا الله باصطفاء ابني شهيدًا فداءً لفلسطين وللمسجد الأقصى".
واستطرد: "توحد أبناء شعبنا وفصائله يعتبر رافعة معنوية للعائلات التي فقدت أبناءها شهداء، وتأكيد على أن هذه الدماء لم تذهب سدى، وبالتالي المطلوب تحقيق الوحدة الوطنية بشكل واقعي على الأرض، والاستثمار الإيجابي لهذه الدماء".
وكان صادق زياد غربية، قد استشهد في الـ 10 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، خلال محاولته تنفيذ عملية طعن ضد جنود الاحتلال على حاجز "الكونتينر" بالقرب من مدينة بيت لحم (جنوب القدس).
بدورها، شددت أزهار أبو سرور (والدة الاستشهادي عبد الحميد أبو سرور من مخيم عايدة قرب بيت لحم)، على أنها وعائلتها تعيش ألم فراق نجلها بكل لحظة، وأنه يتضاعف مع حلول العيد.
وأضافت أبو سرور أنها كانت تتمنى كبقية عائلات الشهداء أن تتمكن من زيارة قبر نجلها، حيث لا زال الاحتلال يحتجز جثمانه منذ استشهاده.
وأشارت إلى أن بُعد جثمان نجلها يزيد من أوجاع العائلة، التي كان من المقرر أن تحتفل بعيد ميلاده الـ 19 في أول أيام عيد الفطر المبارك، "حيث لا طعم للعيد أو شهر رمضان أو أي مناسبة أخرى كان من المفترض أن نعيشها بأجواء فرح وسعادة".
وأكدت أبو سرور على ضرورة أن "ترتقي القيادة والفصائل الفلسطينية لمستوى معاناة العائلات التي فقدت أبناءها شهداء (...)، مع أننا نعلم جيدًا أن أبنائنا ضحوا بأرواحهم فداءً لأرضهم وشعبهم".
وكان الشهيد عبد الحميد سرور، قد نفّذ عملية فدائية داخل حافلة إسرائيلية، وضع خلالها عبوّة ناسفة، في 18 إبريل/ نيسان 2016، حيث تسبّبت في إصابة 21 ، واحتراق حافلتيْن ومركبة خاصة.
من جانبه، رأى أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية، ماهر أبوزنط، أن فقدان أيًا من أفراد العائلة "ينعكس بشكل سلبي عليها، حيث تعم أجواء الحزن، وتفتقد تلك العائلات المعنى الحقيقي لأي مناسبة سعيدة".
وأضاف أبو زنط أن عملية التكافل والمساندة الاجتماعية مطلوبة بين جميع الناس في المناسبات المختلفة، ومنها الأعياد، "الأمر الذي يؤثر بشكل إيجابي على النسيج الاجتماعي العام".
وشدد المحاضر الجامعي، على ضرورة أن لا يقتصر دعم المجتمع ووقوفه إلى جانب عائلات الشهداء فقط في أيام العزاء، بل الاستمرار في ذلك، خاصة أن العائلات التي فقدت أحد أبنائها تحتاج دومًا للمساندة المعنوية من خلال تواصل ووقوف الآخرين معها.
وأكد على أن التكافل الاجتماعي والمساندة المعنوية "حاجة إنسانية ملحة للعائلات، حتى لا تشعر بأنها تركت وحيدة في ظل ما تعرضت له"، لافتًا النظر إلى أن مؤسسات المجتمع، إلى جانب المواطنين، ملقى على عاتقها دور أيضًا، وتقديم ما من شأنه أن يُعوّض هذه العائلات شيئًا مما فقدته.