تصادف اليوم الأحد الموافق 15 أيار/ مايو 2016، الذكرى السنوية الـ 68 للنكبة الفلسطينية التي شكّلت عملية تحوّل مأساوي في خط سير حياة الشعب الفلسطيني بعد سلب أرضه ومقدراته وممتلكاته وثرواته، وما تعرّض له من عمليات قتل ممنهج وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وتأتي ذكرى النكبة هذا العام، وسط تأكيدات شعبية على التمسّك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجّروا منها قبل نحو سبعة عقود من الزمن، في ظل دعوات لإحياء الذكرى بالنفير العام في وجه المحتل في كافة مناطق التماس داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو عن ثمانمائة ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كانوا يشكلون آنذاك حوالي نصف الشعب الفلسطيني ليتجاوز عددهم الآن قرابة الخمسة ملايين لاجئ، يعيش معظمهم في مخيمات الشتات في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المضيفة لهم (الأردن، لبنان، سورية والعراق).
وبلغ عدد المُهجّرين الفلسطينيين منذ 1948 حتى عام 2000 حوالي خمسة ملايين فلسطيني، إضافة إلى مليون من الضفة والقطاع محرومين من حق العودة إلى أراضيهم، حيث تمثل قضية اللاجئين أقدم وأطول مأساة إنسانية للاجئين في العصر الحديث.
كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من خمسمائة قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.
أُنشئت دولة الاحتلال عام 1948 على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية التي قامت العصابات الصهيونية بتدميرها وقتل أهلها وتهجير من تبقى منهم بقوة السلاح، منذ صدور مشروع التقسيم لفلسطين يوم 29 تشرين ثاني/ نوفمبر 1947 وحتى احتلال الضفة الغربية في حزيران/ يونيو 1967.
وبلغ عدد القرى المهجّرة 530 مدينة وقرية استولت العصابات الصهيونية على أراضيها التي تبلغ مساحتها حوالي 18,6 مليون دونم، كما اقترفت تلك العصابات ما يزيد على 35 مجزرة لكي يتحقق لهم الاستيلاء على فلسطين.
وبينت الملفات الصهيونية التي تم الكشف عنها خلال السنوات الأخيرة، أن 89 في المائة من القرى قد هُجرت بسبب عمل عسكري وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، وأن 10 في المائة بسبب الحرب النفسية "نظرية التخويف وإثارة الرعب"، حيث لجأ الفلسطينيون آنذاك إلى أماكن أكثر أمناً بعيداً عن قراهم وبلداتهم، ظناً منهم بأن هذا الوضع مؤقت وسينقضي سريعاً قبل عودتهم مجدداً إلى منازلهم التي غادروها بكل ما فيها.
وتشتت الفلسطينيون في أعقاب النكبة وأُقيمت مخيمات للاجئين في بلدان ودول عربية عدة، وتولى الأهالي في الداخل الفلسطيني، والهيئات الخيرية المضيفة للاجئين خارج فلسطين، الإشراف على تلك التجمعات أو المخيمات، وتقديم الخدمات الأساسية والإنسانية من ألبسة وأغطية وخيام إبان النكبة حتى تأسيس وكالة الغوث الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وقد اعترفت الأمم المتحدة بمسؤوليتها عن اللاجئين الفلسطينيين، وكان هذا القرار مدخلاً لقرار تشكيل وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى في أيار/ مايو 1950، أو ما تعرف بـ "أونروا".
ومازال اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في الداخل والشتات، وبعد مرور 68 عاما على نكبتهم وتهجيرهم من الأرض، يذكرون آثار الفاجعة، غير أن قوة الشوق والحنين للعودة باتت تهدم كل جدران النسيان، فيعتزم من بقي من أولئك الذين عايشوا النكبة بالذات ومن تبعهم من الأجيال المتعاقبة العودة إلى الأرض واستعادة حقوقهم.
وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا الخامس عشر من أيار/ مايو عام 1948 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية؛ إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.