قال مدير مركز الزيتونة للدراسات محسن صالح إن "انتفاضة القدس الحالية هزت الأساسين اللذين يقوم عليهما المجتمع الصهيوني وهما الأمن والاقتصاد، في مقابل حالة من الصمود يقدمها الفلسطينيون، مشيراً إلى أنها تُعيد توجيه بوصلة الأمة إلى عدوها الأول".
وتوقع صالح -في تصريح له تجاوز الانتفاضة للتحديات التي تواجهها، مؤكدا أن المسار العام للحالة المقاومة صاعد رغم الصعوبات والعقبات.
وعن الخسائر الصهيونية في انتفاضة القدس، قال إن هناك 1516 عملية تمت خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذه الانتفاضة، من بينها 296 عملية أدت إلى إصابات مباشرة بين الصهاينة ، وتعتمد هذه العمليات كلها على العامل الفردي.
ورغم إشارة صالح إلى أن الخسائر الصهيونية قد تبدو قليلة، فإنه أوضح أنه عند الأخذ في الاعتبار أن الكيان يقوم على الأمن والاقتصاد، فإن الانتفاضة الحالية تتسبب في حالة من الهلع في مجتمعها، حتى أن 77% من المغتصبين لم يعودوا يشعرون بالأمن، بينهم 52% لا يشعرون بالأمن مطلقا، و25% يشعرون بانعدام الأمن، وفق الإحصاءات الصهيونية .
وأضاف أن "حشد الكيان 27كتيبة عسكرية لمواجهة الانتفاضة يعني حالة من الاستنزاف للمجتمع وهو ما انعكس على السلوك الصهيوني، حتى أن 80% من سكان بعض المدن التي تحدث فيها عمليات للانتفاضة لا يخرجون من بيوتهم في بعض الأوقات، فضلا عن خسائر سياحية كبيرة
وغير ذلك".
انتفاضة السكاكين
وأوضح أن لكل انتفاضة ما يميزها، فالانتفاضات تأخذ شكلاً موجياً ولا تتوقف، وفي حين تميزت الانتفاضة الأولى بأطفال الحجارة، وميّز الاستشهاديون الانتفاضة الثانية، فإن الانتفاضة الثالثة هي انتفاضة السكاكين.
وعن ما يميز الانتفاضة الحالية، قال صالح إنها ترتبط أكثر بالجيل الشاب العابر لحدود التنظيمات، بالإضافة للمبادرة الفردية التي لا تنتظر الفصائل الفلسطينية، كما أنها "بلا رأس" إذ يغيب عنها القيادة وهو ما أدى لاستمرارها دون أن يتمكن الاحتلال من استهداف قيادتها.
وأكد أن مما يميز الانتفاضة الحالية هو حجم المشاركة الكبيرة من الفتيات الفلسطينيات.
وأشار إلى أن الجيل الذي يقود الانتفاضة الحالية هو ما كان يُطلق عليه "جيل أوسلو"، في إشارة إلى أنه نشأ تزامنا مع اتفاقية أوسلو وما بعدها، وهو جيل تصفه بعض الدراسات بأنه الأكثر اعتراضا على الاتفاقية، مشيراً إلى أن الطفل الفلسطيني يقدم نموذجا رائعا للمقاومة.
ووصف ردَّ الشباب الفلسطيني خلال الانتفاضة الحالية على انتهاكات الاحتلال بأنه "رد واع وناضج ويعرف ما يريد ومستعد للتضحية ومستعد للمبادرة الفردية". ولفت إلى أن عمليات الانتفاضة تركزت في القدس، مما جعلها تأخذ هوية الدفاع عن المدينة المقدسة والمسجد الأقصى.
السلطة في خدمة العدو
وعن مستقبل السلطة الفلسطينية، قال صالح إنها وصلت إلى طريق مسدود، فبدلا من أن تتطور من سلطة إلى دولة على الأراضي المحتلة عام 1967 تحولت إلى حالة أمنية وظيفية تخدم الاحتلال .
وأضاف أن مشروع التسوية وصل إلى طريق مسدود، وأن نحو 70% من الفلسطينيين يعتبرون اتفاق أوسلو "ميتا"، وأن نحو 50% من الفلسطينيين يطالبون بحل السلطة.
وقال صالح إن نحو 43% من موظفي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أعضاء في الأجهزة الأمنية، ويُصرف عليهم 40% من رواتب السلطة، لافتا إلى نسبة أفراد الأمن إلى الفلسطينيين في الضفة هي 43 لكل ألف نسمة، بينما النسبة العالمية لا تتعدى ثلاثة لكل ألف نسمة.
ورأى صالح أن المقاومة والانتفاضة الحالية تُوحد الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الانتماءات السياسية.
وطالب القيادات الفلسطينية أن ترتقي إلى مستوى الشعب الذي يُقدّم هذه التضحيات الغالية، مؤكداً أن هناك شبه إجماع فلسطيني على ضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وعن مستقبل انتفاضة القدس، قال صالح إنها تواجه ثلاثة تحديات، هي: تحدي الاستمرار في ظل الضغوط الهائلة لوأدها، وتحدي الانتشار في ظل محاولة حصارها، وتحدي الاستثمار السياسي لها في اتجاه غير صحيح؛ مشدداً على ضرورة أن تتجاوز الانتفاضة الحالية هذه التحديات حتى تحقق أهدافها، ومؤكدا أن المسار العام لحالة المقاومة صاعد رغم الصعوبات والعقبات