تسببت أعمال المقاومة الأخيرة بخلافات داخلية عديدة بين القادة الصهاينة ، وقد بدأت هذه الخلافات تأخذ شكلا أقبح من أي وقت مضى، وفقا لما كشفت عنه مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها نشر مؤخرا.
“إسرائيل” فقدت توازنها وأعصابها بعد 5 أشهر من المواجهة مع الفلسطينين. فعلى الرغم من مرورها بفترات سابقة من مراحل الصراع مع الفلسطينيين كانت أكثر خطورة بلاشك من هذه المرحلة وحملت زيادة أكبر في عدد القتلى من الجانبين، إلا أن ردة الفعل "الاسرائيلية" هذه المرة شديدة ومحيرة في نفس الوقت.
ويوفقا للتقرير، يؤكد هذه الفرضية النشاط الحكومي "الإسرائيلي" الأخير لتعزيز مشروع قانون يسمح بايقاف أعضاء الكنيست “الداعمين للإرهاب”، في إشارة إلى النواب العرب ودفاعهم عن الفلسطينين تحت قبة الكنيست، عدا عن القانون الأخير الذي سيجبر المنظمات وخاصة اليسارية منها على الكشف عن مصادر تلقيها للدعم المالي من الحكومات الأجنبية.
وتضيف المجلة في تقريرها، أن نتنياهو من جهته قاد حملة شديدة ضد أعضاء الكنيست العرب وذلك بعد مشاركتهم في لقاء مع ثلاثة ممن قتلوا على يد شرطة الاحتلال. هذا عدا عن تهديداته التي اطلقها بحق الفلسطينيين مشيرًا إلى أن “إسرائيل ستعيش للأبد بالسيف”، وهو ما تبعه تأكيد منه على استمرار “اسرائيل” في سياستها لعزل من اسماهم ” بالحيوانات المفترسة” قاصدا الفلسطينين والعرب.
ويكمل التقرير سرد عدد من الوقائع التي تشير إلى تزايد نسب العنصرية والكراهية على المستوى الرسمي في اتجاه كامل للسياسة والمجتمع نحو اليمين المتشدد، مشيرًا إلى كون هذه التصرفات نوعا من الارتباك وفقدان التوازن داخل “إسرائيل”.
وتنوعت المواقف التي ذكرها التقرير بين مواقف لأعضاء كنيست ينفون وجود فلسطين بالكلية أو تصريحات لسياسيين يعتبرون “حل الدولتين” غير واقعي في الوقت الراهن. عدا عن تصريحات حادة ومنتقدة لوسائل الإعلام الأجنبية بصفتها معادية لـ”إسرائيل”.
ويرى التقرير أن ثمة اختلاف واضح بين الانتفاضة الحالية والانتفاضة الثانية مثلا، ففي أكثر من 280 عملية فلسطينية منذ بداية تشرين أول كانت هناك عملية واحدة فقط وكانت الأولى نفذتها خلية تابعة لحركة حماس. وهو ما يعزز صعوبة التصدي لهذه العمليات بسبب اختفاء “الانذارات المبكرة” التي توفرها أجهزة الاستخبارات النشطة في الضفة.
العمليات الكثيرة غير المتوقعة أضرت بسمعة نتنياهو كثيرًا وساهمت في تآكل شعور "الإسرائيليين" بالأمن الشخصي، وهو ما كان أساس الدعاية التي ساهمت في حفاظ نتنياهو على منصبه كرئيس للوزراء خلال السنوات السبعة الماضية. هذا بالإضافة إلى مساهمتها في الإضرار بالعلاقة الحساسة بين اليهود والعرب داخل “إسرائيل” والخطر المتزايد من جولة عنف جديدة في غزة.
ويشير تقرير المجلة الأمريكية إلى أن خطاب نتنياهو أصبح أكثر ميلا نحو العنف، ويزعم أن وجود وزير الجيش الحالي موشيه يعلون وكذلك رئيس الأركان ايزنكوت يمنع تنفيذ عقوبات جماعية بحق الفلسطينيين، ويدفع باتجاه سياسات لتخفيف الاحتقان من خلال زيادة تصاريح العمل، وهو الادعاء الذي يكذبه قرار حصار البلدات والقرى التي يخرج منها منفذو العمليات، مثل حصار قباطية وحصار نحالين وغير ذلك.