يجمع خبراء ومختصون صهاينة على أن أجهزة الاحتلال الأمنية وضعت نفسها في دوامة لا تزال تنخر برأسها أولها الانتفاضة المشتعلة بالضفة الغربية وثانيها الأنفاق التي يترصد حافروها بأمن الاحتلال ومستوطنيه على طول الحدود مع قطاع غزة والتي باتت تقض مضاجع ساسة الاحتلال وعساكره.
ويقول المختصون العسكريون “إن انعدام الصورة الاستخباراتية لدى الأجهزة الأمنية الصهيونية عن المنفذين المفترضين للعمليات في الضفة أولا وعن أنفاق المقاومة في غزة وما إذا كانت قد اخترقت العمق ثانيا، تجعل تلك الأجهزة في حالة تخبط لم يسبق لها مثيل منذ نشأتها”.
عوائق محورية
صحيفة “يديعوت أحرونوت” قالت “إن الأجهزة الأمنية لا تمتلك القدرة على المبادرة بالضرب لأنها لا تملك أدنى معلومة عن أي نفق يجتاز الحدود مع القطاع غزة نحو بلدات غلاف غزة، وهذه النظرية ترعب سكان تلك المناطق من المستوطنين الذي يعتقدون أن فقدان هذه المعلومات لا ينفي وجود تلك الأنفاق العابرة للحدود”.
وأضافت الصحيفة في مقالة للكاتب “يوسي يهوشع” أن “افتقاد تلك الأجهزة للصورة الاستخبارية تعتبر عائقا محوريا، وبالتالي فإن فرضية العمل على الأرض متشددة ويتم التصرف وكأن النفق محفور منذ الآن ووصل الأراضي الإسرائيلية”.
يعتقدون في “إسرائيل” بحسب الكاتب أن حماس بعد العدوان الأخير على قطاع غزة والذي كان يستهدف بالأساس أنفاق المقاومة لن تعود لنفس الأسلوب في حفر الأنفاق ونوعيتها أيضا ستختلف، فهي تقوم الآن بحفر نفق نوعي واحد طويل يجتاز الحدود إلى العمق الإسرائيلي يستغرق العمل فيها زمنا أطول، وبناء على هذا الاعتقاد تعمل الأجهزة الأمنية”.
ويتابع الكاتب “العمل في طبيعة وجو مليء بالسرية وجهل المستقبل والمفاجآت قد تصلك بأية لحظة من قبل العدو، يكون عمل مضني ونتائجه بطيئة، لذلك يوظف الجيش والأجهزة الأمنية أفضل الوسائل في مجالات الاستخبارات والهندسة، ولكن رغم التحسن في القدرات لا تزال النتيجة على الارض صفر”.
وأشار يهوشع إلى أن أكثر من 100 آلية هندسية خاصة، منها 300 حفارة تعمل على الحدود يساندها مئات الجنود المختصين، غير أنه لا نتائج تذكر يمكن ان تنسب لهذا الجيش الكبير تبعث برسائل طمأنة للسكان بالمناطق المحاذية للقطاع، وهذا بحد ذاته تحد آخر يضاف لتحدي الأنفاق.
المستوطنون لا يصدقون
ويتهم الكاتب الجيش والساسة في حكومة الاحتلال بالعودة لنفس الأسلوب الذي اتبعوه قبل الحرب على غزة، أسلوب التخدير وسوق الحقائق المزيفة عن ان الجيش لا يترك شاردة ولا ورادة إلا ويقوم بفحصها، ويقول: “السكان هناك لا يصدقون الكلام المرسل من قادة الجيش، إنما يصدقون اعينهم وآذانهم، بكل عمليات البحث بدءاً من عشية “الجرف الصامد” وحتى اليوم لم يعثر على محاور الأنفاق المحفورة، وهم كما الجيش متأكدون أن حماس عادت للحفر من اللحظة الاولى التي انتهت فيها الحملة، في آب من العام الماضي، وانطلاقا من فهم عملياتي استراتيجي بان القسم التحت أرضي يحقق لها تفوقاً، وينقل المعركة الى الطرف الآخر”.
ويتابع “حماس تستثمر معظم إمكانياتها في هذا الذخر الاستراتيجي فأكثر من ألف شخص يقومون بالحفر يومياً، يتقدمون بوتيرة سريعة نسبيا تصل خمسين مترا في الأسبوع، وتجري الحفريات على عمق 25 مترا، بعرض متر ونصف وبارتفاع مترين. ومن نفق الى نفق تجدهم يتطورون، يتعلمون صنعة الحفر، ويحاولون تحسين أدائهم”.
ويشير الكاتب إلى حديث رئيس أركان جيش الاحتلال، “جادي آيزنكوت”، أول من أمس، والذي تطرق فيه إلى وجود “نشاط سري” في محاولة لإحباط الأنفاق، وانتقاده للأحاديث العلنية حول ضربة استباقية إليها، متهما متبني هذه النظرية بمحاولة البروز في العناوين الرئيسة للأخبار.
عملية استباقية متوقعة
يخاف الكاتب الرأي عدد من ضباط جيش الاحتلال الذين يتوقعون بأن يبادر جيش الاحتلال إلى عملية عسكرية ضد الأنفاق خلف السياج الحدودي مع قطاع غزة، بانين توقعاتهم هذه لأجواء الخوف التي تسود النقاشات الداخلية في محادثات قادة الجيش حول تهديدات تلك الأنفاق.
وينقل هؤلاء الضباط بحسب موقع “والا” الإخباري المخاوف التي أبداها قادة الاحتلال خلال المحادثات التي أجرتها قيادة المنطقة الجنوبية في الأيام الأخيرة، من الوضع الأمني على طول الحدود مع قطاع غزة، واعتبروا أنها الأكثر توترا منذ الحرب العدوانية الأخيرة على القطاع في صيف العام 2014.
ونقل الموقع عن أحد ضباط جيش الاحتلال قوله: إنه “خلافا للأيام التي سبقت الحرب، في صيف العام 2014، فمن الممكن أن يبادر الجيش الآن إلى عملية عسكرية ضد الأنفاق خلف الحدود، مشيرا إلى أن قيادة الجيش تجري العديد من التدريبات في المنطقة للحفاظ على جهوزية الوحدات العسكرية لإمكانية الاستنفار”.
ويضيف الضابط أن “قيادة المنطقة الجنوبية بخاصة وقيادة الجيش بعامة لا يستبعدون إمكانية أن تكون حركة حماس قد تمكنت من حفر أنفاق هجومية تجاوزت السياج الحدودي، وأنه لهذا السبب جرى التشديد على الإجراءات للوحدات النظامية وفرق التأهب في المستوطنات في المنطقة، بشأن الاستعدادات لإمكانية دخول عناصر المقاومة الفلسطينية إلى هذه المستوطنات بواسطة نفق”.