قال رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، أن أكثر من (300) ألف حالة اعتقال قد رُصدت منذ اندلاع انتفاضة الحجارة في التاسع من كانون أول/ديسمبر عام 1987 ولغاية اليوم. وعلى الرغم من هوّل الأرقام الكبيرة للمعتقلين والانتهاكات الجسيمة والجرائم الفظيعة المرتبطة بتلك الاعتقالات، فإن ذلك لم يُثنِ الفلسطينيين عن مواصلة مقاومتهم المشروعة للاحتلال من أجل استرداد حقوقهم ونيل حريتهم.
واضاف: أن تلك الاعتقالات أصبحت جزءاً اساسيا من منهجية العدو في السيطرة على الشعب الفلسطيني والقضاء على مقاومته، فطالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، ذكوراً واناثا، صغارا وكبارا، وأضحت ظاهرة يومية مقلقة لما تسببه من قهر وظلم وخراب بالمجتمع الفلسطيني، وبالرغم من ذلك مازالت الثورة مستعرة والمقاومة متجذرة والانتفاضة مستمرة.
وتابع: أن العديد من السجون والمعتقلات والأقسام الجديدة قد شُيدت وافتتحت منذ العام 1987 بشروط أكثر قسوة من سابقاتها، لعل أبرزها: معتقل النقب الصحراوي عام 1988، مجدو، عوفر، هداريم، جلبوع ، ريمون، جفعون، وذلك لاستيعاب المعتقلين الجدد و التضييق عليهم في محاولة لردعهم وبث الرعب والخوف لديهم ولدى الآخرين، بهدف اخماد الانتفاضات والقضاء على روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني في المراحل المختلفة من مسيرته النضالية خلال الفترة المستعرضة.
ورأى فروانة بأن اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 واستمرار الشعب الفلسطيني في صموده ومقاومته ودخول انتفاضة القدس الحالية شهرها الثالث لهو خير دليل على فشل سلطات الاحتلال وأجهزتها الأمنية المختلفة في تحقيق مآربها وأهدافها من وراء الاعتقالات. إذ أنها لم تنجح في كسر الصمود الفلسطيني ولم تفلح في القضاء على روح المقاومة، بالرغم مما لحق بالمجتمع الفلسطيني على المستويين (الجمعي و الفردي) من أضرار وخراب وأذى جراء تلك الاعتقالات وما يصاحبها ويتبعها من انتهاكات جسيمة وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار فروانة إلى أن المتابع للأحداث والوقائع والأرقام سيجد فروقات واختلافات كثيرة (ايجابية وسلبية) ما بين انتفاضة الحجارة عام 1987 وانتفاضة الأقصى عام 2000 وانتفاضة القدس2015، وأن أوجه الاختلاف بحاجة الى دراسة متفحصة ومتمعنة تتناول كافة جوانبها وتوثق أحداثها، وتسلط الضوء عليها للتعمق بها أكثر وتطوير الايجابيات منها والاستفادة من الثغرات والسلبيات التي واكبتها بما يخدم المسيرة النضالية لشعبنا الفلسطيني وديمومة مقاومته الشعبية المشروعة ضد الاحتلال نحو انتزاع حقه بالحرية واقامة وطن حر بلا احتلال، وتشييد دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأوضح فروانة الذي عايش انتفاضة الحجارة عام 1987، وعاصر مراحلها المختلفة، كمقاوم للاحتلال، وكمعتقل لأربع مرات، من بينها مرتين اداريا، بأن أكثر ما ميز تلك الانتفاضة بسنواتها السبعة هو شموليتها وطابعها الشعبي، والتعاضد الاجتماعي والتكافل الأسري ووحدة الصف الوطني الفلسطيني والقيادة الوطنية الموحدة والحاضنة الاجتماعية والشعبية لها. فضلا عن أن سلاحها البسيط والمتمثل في القلم والحجر والمقلاع، وفي بعض الأحيان البلطة والسكين والمولوتوف، كان في متناول الجميع، صغارا وشبانا، رجالا وشيوخا، فتيات ونساء ..الخ. الأمر الذي ساهم في اتساعها وأدى الى تصاعدها وديمومتها.
جاءت تصريحات فروانة هذه في بيان وزعه في الذكرى الـ28 لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى بتاريخ 9/12/1987، ضد الاحتلال ، والتي استمرت حتى انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية منتصف عام 1994 عقب التوقيع على اتفاقية "أوسلو".