كشفت تقارير الصحف الإسرائيلية مؤخراً مدى الضرر الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي كنتيجة حتمية لانتفاضة القدس التي تركت آثارها على القطاع الأمني والسياسي والمالي في "إسرائيل".
ويشير مراقبون إلى أن الانتفاضة ألقت بظلالها بشكل أكبر على القطاع السياحي الإسرائيلي والسلع وبورصة تل أبيب، كما امتدت لتشمل الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي التي شهدت انخفاضاً حاداً في حركة المستهلكين.
حالة التخبط والإرباك هذه، شكلت تخوفاً لدى الشارع الإسرائيلي من استمرار الانتفاضة الشعبية في الضفة، والتي قد تقود الحركة الاقتصادية إلى ركود تام.
فعبر صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية، أشار الكاتب الإسرائيلي دبيرت مزريتس في مقال تحت عنوان "المدينة فارغة، وتراجع في النشاط التجاري" إلى أن معدلات التراجع في المبيعات في التجمعات التجارية الكبرى، وفي المقاهي، وفي المطاعم آخذة بالتزايد، وانخفضت نسبة المبيعات في الأيام الأخيرة بنسبة 12.7 بالمائة، مقابل انخفاض أقل من 12 بالمائة في الأسبوعين الماضيين منذ بدء الانتفاضة.
كما أن المدينة التي تعطي نموذجاً لعملية الانهيار في المبيعات في الأيام الأخيرة، هي القدس.
ففي الأسبوعين الأخيرين، انخفضت نسبة المبيعات فيها بحوالي 13.4 بالمائة، ولكن عندما ننظر إلى الأيام الخمسة الأخيرة، نرى انهيارا حقيقيا بنسبة المبيعات تصل نسبته إلى 21.5 بالمائة.
وفي المقابل، ومع بداية الانتفاضة، كان يتواجد الكثير من الأشخاص في القدس، حتى في أعقاب مؤتمر الفضاء الذي جلب إلى المدينة أكثر من 2000 شخص، كما مكث في المدينة أيضا سياح قاموا بالحجز قبل موجة التصعيد.
وفي الأيام الأخيرة انتهى المؤتمر، وغادر السياح المدينة، ولم يأت آخرون بدلا منهم، والهبوط في مبيعات المقاهي والمطاعم وصل إلى 30 -70 بالمائة.
وفي تقرير آخر، حذّر البروفيسور "آفي بن باست"، مدير وزارة المالية السابق، من أن الكيان يواجه "خطرا وضررا اقتصاديا كبيرا".
وأوضح قائلاً إن آثار هذه الانتفاضة والعمليات التابعة لها أخطر على الاحتلال من الآثار الاقتصادية للانتفاضة الثانية.
ويعود ذلك لكون الأحداث الحالية تأتي في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤاً في النمو، وتعاني الاستثمارات من انخفاض حاد.
وفي هذا السياق، أضاف بن باست أن الموجة الحالية من زعزعة الأمن سوف توقف استعداد المستثمرين لعمل مشاريع، وذلك سيلحق ضرراً بالاقتصاد لسنوات طويلة.
فعلى سبيل المثال، من جراء الانتفاضة الثانية انخفضت نسبة الاستثمارات في الأراضي المحتلة بنسبة 17%، وهو ما أدى إلى ضرر اقتصادي ضخم.
وعلى الرغم من أن الانتفاضة الثانية جرت على نطاق أوسع، فإن الكيان اليوم "يواجه خطراً اقتصادياً أكبر"، بحسب بن باست، فمنذ عام 2014 هناك انخفاض بنسبة 4.5% بالاستثمارات، وفي الربعين الأول والثاني من عام 2015 سجل انخفاض بنسبة 8% و3.3% أيضاً، لذا فإن الانتفاضة الحالية "قاتلة للاستثمارات".
من جهتها، ذكرت صحيفة “مكور ريشون” العبرية أن ثمن شهر من الانتفاضة سيكون خسارة 5 مليار شيقل من الدخل القومي العام، وغالبيته سيكون من قطاع السياحة الذي تلقى ضربة قاسية بالقدس المحتلة مع انخفاض الحجوزات الفندقية بنسبة وصلت إلى 50% منذ بداية شهر أكتوبر الحالي.
وقالت الصحيفة إن ثمن عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار سيكون خسارة الاقتصاد الإسرائيلي بـ 10.5 مليار شيقل إذا ما استمرت الانتفاضة الحالية خلال الشهرين القادمين، ما يهدد بإدخال الاقتصاد الإسرائيلي فترةَ ركود على خلفية تردي الوضع الأمني.
وفصلت الصحيفة أن 4 مليار شيقل جرى تحويلها حتى الآن لنفقات الجيش والشرطة خلال المواجهات، بالإضافة لـ 1.5 مليار شيقل جراء انخفاض دخل الحكومة من الضرائب.
وتتحدث المعطيات الحالية عن تكلفة استمرار هكذا انتفاضة لشهرين فقط، أما في حال تحولت إلى انتفاضة عارمة وشهدت جبهة قطاع غزة تسخيناً، فإن الخسائر ستكون أعلى بكثير.
كما شهد السوق الإسرائيلي انخفاضاً بنسبة 11% في استخدام بطاقات الائتمان الشرائية منذ بداية الشهر الحالي الأمر الذي يعزى لالتزام الكثيرين من الإسرائيليين لبيوتهم أو شرائهم من محلات قريبة من البيوت ولا تتعامل ببطاقاتهم.
فيما بين الكاتب الإسرائيلي "أفي تمكين" عبر صحيفة غلوبس العبرية أنه من الصعب تقدير تأثير موجة العنف الحالية، أو القول أن لا تأثير لها أو أن يتم تجاهلها.
فإن معدل الضرر يتم تحديده بناء على تأثير موجة مستمرة على الاستهلاك الشخصي وعلى التصدير، وعلى حركة مبادرات المقاطعة ضد "إسرائيل" في الخارج.
وأضاف: من الممكن الافتراض أن السياحة في "إسرائيل" ستكون مرة أخرى، الضحية الأولى لصور شاشات التلفزة في العالم، ومغزى ذلك هو أنه يوجد فعلاً ضرر، وأن هناك ثمنًا سيدفعه الاقتصاد الإسرائيلي.
وفي نفس الوقت، فإن علامات الاستفهام هي كثيرة جداً، ومن المشكوك فيه أن هناك من يستطيع قياس ما سيكون عليه التأثير الاقتصادي لنيران الانتفاضة.