تاريخ النشر : 2013-09-30
عوامل تحقيق الأمن في الإسلام
تتعدد عوامل تحقيق الأمن كما تتنوع أسبابه، وذلك لتعدد مستويات الأمن ودرجاته، فهناك: أمن الفرد، وأمن المجتمع، والأمن القومي، والأمن الاقتصادي والسياسي، وكذلك الأمن الاجتماعي·
ومن ثم يتطلب تحقيق الأمن لهذه الفئات إجراءات سلوكية وسياسية وعسكرية وأيديولوجية واقتصادية أيضاً·
وقد وسع الإسلام كل هذه الإجراءات وتلك العوامل، ولكن لا يتسع المقام لبسط القول في جميع هذه العوامل، ولذا انتقينا منها ثلاثة عوامل فقط، وهي:
أولاً التربية الإسلامية
حرص الإسلام على تربية أبنائه على أسس تربوية صحيحة تحقق لهم عيش حياة هادئة مطمئنة تحضهم على الإسهام في صنع حضارة ذات طابع أخلاقي وعلمي في آن واحد·
ومن أبرز الأسس التي تحقق الأمن والسكينة في التربية الإسلامية "العقيدة الدينية" التي توجه الفرد والمجتمع إلى الخير وتمنعهم عن الشر، وقاعدة الإسلام في التربية لها جلالها، فهو يصب في نفس الفرد العقيدة الدينية، ويدع هذه العقيدة لتشرف على تربيته حتى تجعل منه نموذجاً للإنسان بالمعنى الصحيح، الإنسان الذي يستثمر مواهبه في الخير الذي يعود على الإنسان والبشرية بالرفعة والنهوض، لا في إشعال الحروب التي تترك خلفها الخراب والدمار، وهذا ما تتميز به التربية الإسلامية عن غيرها من أنواع التربية التي تتبع الحضارات الشرقية القديمة والحضارة الغربية الحديثة·
ويشهد على ذلك الحروب والمعارك التي دارت بين فارس والروم وما شهدته الجزيرة العربية من معارك ضارية قامت على أسباب ضعيفة وعقول مريضة وطباع سقيمة قضت على الأخضر واليابس ومن ثمَّ فإن العقيدة الدينية في الإسلام غرس طيب في نفس المسلم لتهذيبه وتهيئته للخير أينما وجد، ومكافحة الشر متى استطاع إلى ذلك سبيلاً، وهي فوق أنها تهدي الإنسان إلى عبادة إله واحد فوق ذلك كله تهدي الإنسان إلى أهمية وجوده وأنه خليفة الله في الأرض، وأنه لابد مسؤول عن مدى خلافته فيها، ومجازى عما أسدى من خير ومحاسب عما اقترف من شر·
ثانياً: الاستقرار
أقام الإسلام قواعد الاستقرار على العدل والإحسان وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن الفحشاء والمنكر والظلم والبغي بغير الحق، وإقامة الحدود التي تصون كيان المجتمع وتحميه من التفكك والتشرد والضياع فقال سبحانه: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) النحل:90·
كذلك حقق الإسلام الاستقرار عندما دعا إلى الحوار ونشر الحريات والأخذ بالشورى، فقال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضلَّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل:125·
ثالثاً: السلام
يحظى السلام في الإسلام بنصيب وافر من الخير وقسط زاخر من البر لكل من جعله دعوته في الحياة ومنهجه في التعامل مع الناس·
ولعل مكانة السلام في الإسلام ظاهرة جلية في كثير من آيات القرآن المجيد، قال تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) يونس:25·
وجعل الله سبحانه السلام تحية أهل الجنة، قال تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يونس:10·
بل سمَّى الآخرة بدار السلام ليحض المسلم على السعي نحو السلام والتنعم بظلاله ونعيمه، قال سبحانه: (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) الأنعام:127·
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ الحقوق ونهى عن الظلم ودعا المسلمين إلى أن يكونوا عباد الله إخواناً، فقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"·
فالسلام في الأرض هو هدفه ودعوته، وأنشودة رسالته، ولم تكن حروبه في الواقع إلا وسيلة لإقرار هذا السلام في الأرض.