تاريخ النشر : 2013-08-17
الرقص على الدماء! بقلم : إياد القرا
الدماء التي تنزف في شوارع القاهرة ومحافظات مصر عزيزة على قلوب الشعوب العربية لما للشعب المصري من مكانة مميزة في قلوب الشعوب العربية والإسلامية، ولما لمصر من مكانة تاريخية وسياسية وثقافية.من يسعى لإنجاح الانقلاب في مصير يرى أن ينهي بشكل كامل نتائج الربيع العربي ويعيد الشعوب العربية إلى حظيرة الدكتاتورية والعبودية، وهو ما تدعمه بعض الدول التي لاتزال تمارس نفس النموذج والأسلوب الذي كانت تستخدمه الأنظمة البائدة، في تبادل مصالح بين قادة الانقلاب وبين مناصريهم.ظهرت بعض الأصوات التي تتراقص على الجثث والدماء المصرية وتأجيج ما يحدث والدعوة لتكرار التجربة في بلاد الثورات العربية سواء ليبيا وتونس، وبينهم من ذهب لما هو أكثر بالدعوة للانقلاب في غزة.تستغل تلك الفئة الدم المصري النازف لترقص عليه في صورة مقززة تسطع بها بعض الأقلام في الصحف العربية وبينها صحف فلسطينية ليبدو المشهد وكأن هناك تحالفاً مقدساً ينشأ إقليمياً بين الاحتلال الاسرائيلي والقوى التي تسمى معتدلة وهي بقايا الدول التي لم يصلها الربيع العربي، وتخشى ذلك وتعمل على إفشال التجارب السابقة.الرقص على الدماء المصرية ظهر بكل أسف من قبل بعض قيادات حركة فتح وإعلامها في صورة غريبة عن طبيعة مجتمعنا الفلسطيني الذي يمتلئ كمدًا وحزنا على ما يحدث في مصر التي يرتبط معها جغرافيا وتاريخيا وصلة نسب وأخوة.الدعوات الدموية التي صدرت بالشماتة بما يحدث في مصر والتشجيع عليها أمر مقزز يدلل بوضوح على الانسلاخ الثقافي والديني والأخلاقي عن قيم مجتمعنا الفلسطيني.بدأت تذهب هذه الأصوات أبعد من ذلك بالدعوة لسفك الدماء في شوارع غزة والانقلاب واجتثاث الجماعات والحركات الإسلامية بمعاونة ومساعدة من الاحتلال الإسرائيلي وتكرار المحاولة لما حدث في الحرب على غزة عام 2010.من الواضح أن هذه الأصوات القيادية في حركة فتح نسيت أن غزة تحكمها المقاومة الفلسطينية وأن شرعيتها جاءت من صندوق الانتخاب، وأنها استطاعت أن تجمع في مشهد نادر تاريخياً بين الحكم والمقاومة، ونجحت في المقاومة بشكل أذهل الجميع ونجحت في إدارة الحكم ولو سجلت عليها بعض الملاحظات، لكنها حافظت على موقفها ودفعت ثمناً لذلك وزراء ونواباً وقيادات رسمية وشعبية ومدنية وعسكرية.هذا المشهد يوازيه مشهد مؤلم من مفاوضات عبثية مع الاحتلال الإسرائيلي وصفقات وهمية للتنازل عن الأرض والحقوق الوطنية وقمع للحريات والاعتقالات السياسية يمارسه دعاة الدم بتنسيق كامل مع الاحتلال، واستخدام كافة الأدوات والأساليب لمواجهة الشعب الفلسطيني.ما تطرق إليه قيادات حركة فتح هو امتداد لحملة التشويه التي تقوم بها لمشروع المقاومة والزج بالشعب الفلسطيني في أتون الأحداث في مصر لأجندة خارجية، والتنسيق الأمني مع الاحتلال بعد أن تحولت الأجهزة الأمنية والسفارات والهيئات الرسمية إلى مجرد أدوات لأطراف خارجية.الانقلاب على الثورات العربية لا يمكن أن ينجح ودعاة الدم والراقصون عليه ستنتهي أحلامهم وسيفتضح أمرهم وستنبذهم الجماهير لأنهم فئة تتظاهر على السطح للدعوة للقتل، وينشطون في الثورات للدفاع عن القتل والتشجيع عليه.