تاريخ النشر : 2012-08-15
كيف أطاح مرسي بقادة العسكري عنان وطنطاوي ؟
المكتب الاعلامي - وكالات :
بات اجراء الرئيس المصري محمد مرسي الذي اطاح من خلاله برأسي المجلس
العسكري سامي عنان وحسين طنطاوي وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل من أقوى
الإجراءات السياسية التي اتخذت في ربيع الثورات العربية.
هذا القرار تساءل الناس عن أسراره وما الذي دفع الرئيس مرسي لاتخاذه بهذه
الصورة المفاجئة؟ ولماذا لم يعترض أحد من قادة المجلس على الأمر؟ وكيف مر
بسلاسة دون أن يتناطح في طنطاوي وعنان؟ وهل لمهارة الإخوان السياسية
وكفاءتهم التفاوضية دور في ذلك؟ أم للخطة الذكية التي وضعها مرسي في اختراق
الجيش وشق صفه لصالح الثورة دور في تسهيل هذه القرارات الكبرى؟ أم أن كلمة
السر كانت في صراع المصالح والمناصب بين رجال مبارك؟
بالنظر لسير الأحداث في مصر خلال الأسبوع الماضي نستطيع أن نقول: إن كلمة
السر في الإطاحة بطنطاوي وعنان هي "كرم أبو سالم" فالمجزرة التي وقعت منذ
أسبوع على الحدود المصرية والتي راح ضحيتها شباب مصر الأطهار من حراس
الحدود وفي ساعة الإفطار وفي شهر رمضان المبارك هي التي فتحت الطريق أمام
مرسي ليتخذ هذه القرارات الثورية، وكان لها تداعيات حاسمة وخطيرة أنهت
الصراع السلطوي لصالح الرئيس المنتخب محمد مرسي وذلك كله بتدبير وتوفيق من
الله وحده سبحانه.
إذ اتضح أن القيادة العسكرية ممثلة في طنطاوي وعنان كانت على علم بالهجوم
مسبقًا وأن أجهزة الاستخبارات قد رفعت تقريرًا بذلك قيل الحادث بيومين، مما
كشف عن نية طنطاوي وعنان في توريط مرسي على الحدود وإظهاره بمظهر غير
الحريص على مصلحة بلاده.
وتواكبت مع المجزرة حملة إعلامية شرسة يقودها أزلام العسكر تتهم فيها
الرئيس مرسي بالتسبب في الحادثة بسبب فتحه للمعابر وإطلاقه لسراح المعتقلين
السياسيين، ولكن الله عز وجل لطيف بالمصريين وبعبده مرسي،
إذ وقع صراع عنيف بين طنطاوي ومراد موافي رئيس المخابرات العامة على خلفية اتهام مرسي للمخابرات بالتقاعس عن أداء دورها.
وشعر موافي أن النية مبيتة لعزله وتحميله المسئولية وحده فدخل في مشادة
عنيفة مع طنطاوي في اجتماع الأمن القومي يوم الاثنين الماضي.
ورغم أن اختيار مراد موافي لهذا المنصب كان من طنطاوي، إلا أن طنطاوي لم
ينس لموافي ما قام به منذ شهر من تسريب أخبار صفقات السلاح التي كان يعقدها
مبارك وحقق بها ثروة مهولة، وهو الأمر الذي سيورط طنطاوي في المسألة مما
سبب له حرجًا بالغًا.
ودفع مرسي لطلب الاطلاع على خطط التسليح ومصادره وتمويلاته في اجتماع مع
المجلس العسكري في 20 يوليو الماضي بحسب تصريحات حزب الحرية والعدالة، مما
جعل طنطاوي يشتد على موافي في الاجتماع ويعلو صوتهما على بعضهما البعض فيه،
ثم خرج موافي على وسائل الإعلام الأجنبية وهي وكالة الأناضول التركية
بتصريح خطير ألقى فيه باللائمة في المجزرة على طنطاوي وعنان، وهو التصريح
الذي أنهي حياته المهنية على أسوأ ما يتمناه قائد عسكري كبير وهو الإقالة
المهنية وهو ما دفعه للانتقام من طنطاوي وعنان بصورة لم يتخيلها أحد.
مراد موافي شخصية بالغة الخطورة، وكان الذراع اليمنى للهالك عمر سليمان،
وعلى يديه تربى وتعلم منه كيف يحتفظ بصناديق سوداء عن الساسة والمسئولين،
وجهاز المخابرات من أهم وأخطر الأجهزة السيادية في أي بلد، وهو خزانة
الأسرار لكل ما يجري في البلاد، ومن ثم فإن اللعب مع هذا الجهاز ورئيسه
يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة والدهاء وهو ما غاب عن طنطاوي وعنان. مراد
موافي بعد الإطاحة به فتح صناديقه السوداء وكان فيها من الأسرار الخطيرة
والكافية ليس بالإطاحة بطنطاوي وحده بل بالمجلس كله.
وموافي لم ينتظر حتى يخرج قرار إقالته لينتقم إذ قرر هدم المعبد على رأس
من فيه، وكانت أولى خطواته رفع تقرير عاجل للرئاسة أن ثمة مؤامرة كبرى
تستهدف إهانة الرئيس والنيل منه في جنازة شهداء كرم أبو سالم، وأن هذه
المؤامرة متورط فيها حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية ونجيب عبد السلام قائد
الحرس الجمهوري بالتعاون مع أزلام عكاشة ومدير الأمن العام، وهو المخطط
الذي أدى للإطاحة ببدين وعبد السلام وكلهما من أعضاء المجلس العسكري ومن
المقربين لطنطاوي خاصة بدين.
ثم كانت الضربة الثانية بعد صدور قرار الإطاحة بموافي ومن معه، إذ تم حرق
الرويبضة توفيق عكاشة صنيعة العسكر والذي تم استغلاله بقوة في تشويه
الإخوان ومحاربة الرئيس مرسي، إذ تم تسريب مقطع الفيديو الخطير لعكاشة وهو
يدافع عن "إسرائيل" ويهاجم العرب ويفتخر بصلاته مع الصهاينة وكيف أنه زار
الكيان الصهيوني 4 مرات.
ثم كانت الضربة الثالثة وهي ضربة من العيار الثقيل لم تعرها وسائل
الإعلام كثير اهتمام لوقوعها في أتون الأحداث الملتهبة إلا أنها كانت كلمة
الفصل في مسيرة وطموحات وخطط طنطاوي، وهي حادثة ضبط كمبيوتر شخصي "آي باد"
مزود بشرائح دولية مع السجين مبارك، بعد تسريب المخابرات خبر هذا
الكومبيوتر لمؤسسة الرئاسة التي كلفت أحد المقربين منها بضبط هذا
الكومبيوتر وتسليمه لها قبل العبث بمحتوياته.
وبفحص الجهاز تكشفت الكثير من الأسرار والاتصالات الخطيرة بين مبارك
وشخصيات سيادية ونافذة في الداخل والخارج، وإن كانت التقارير لم تفصح عن
فحوى هذه الاتصالات إلا أن من المرجح أن يكون السجين مبارك قد أجرى اتصالات
مع طنطاوي وعنان وغيرهما من قادة العسكر وكذا في الخارج، ويبدو أن الأسرار
التي كانت موجودة على الجهاز من الخطورة بمكان جعل باقي قادة العسكر لا
يعترضون على هذه الإطاحة المهينة لطنطاوي وعنان.
أما الذي سرَّع من قرار مرسي الإطاحة بطنطاوي وليس إجباره على الاستقالة،
فكانت المعلومات الاستخباراتية الخطيرة التي تكشفت في اليومين الأخيرين عن
وجود مخطط تدميري يهدف للإطاحة بمرسي والإخوان يوم 24 أغسطس بالتظاهرات
التي سيقودها صنيعة ساويرس المدعو أبو حامد والتي سيحاصر بها القصر
الجمهوري وحرق بعض مؤسسات البلاد ومقرات الإخوان، وستشترك فيها منظمة قبطية
متطرفة بقيادة القس المتطرف "ماتياس نصر" على أن يدخل العسكر على غرار ما
حدث مع مبارك ويجبر مرسي على التنحي.