تاريخ النشر : 2009-09-08
رمضان والجهاد في سبيل الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد: ثمة علاقة وطيدة بين صيام رمضان وبين الجهاد في سبيل الله، فالصيام جهاد النفس بمنعها عن مألوفها، والجهاد هو بذل النفس والنفيس لله تعالى، فمن صام صيامًا حقيقيًا كما أراد الله تعالى روَّض نفسه وكفكف طبائعها ومحبوباتها فذلت له وانقادت له، فلولا جهاد النفس ما استطاع المسلم مجاهدة العدو، لذا قال العلماء:
إنَّ جهاد النفس مقدم على جهاد العدو، فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أُمرت به وتترك ما نهيت عنه، لم يمكنه جهاد عدوه من الخارج، فكيف يمكن جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه؟ فالصيام من أهم وسائل مجاهدة النفس التي هي السبيل لمجاهدة العدو، فعندما يدعو داعي الجهاد: أن حي على الجهاد تطاوعه نفسه فلا تعصيه فيبذلها صبرًا وقتلاً في سبيل ربه سبحانه وتعالى.
لذا فإننا نجد أن أهم حروب المسلمين كانت في رمضان، فبدر الكبرى وهي أول غزوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قُتِلَ فيها صناديد قريش الذين طالما آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلموا وعذبوا أصحابه، وانتصر المسلمون فيها بفضل الله تعالى ولم يصدق المشركون ما حدث لهم، فاستنكر أهل مكة الخبر أول ما جاءهم، واستبعد مشركو المدينة ويهودها ما قرع آذانهم من بشريات الفوز وذهب بعضهم إلى حد اتهام المسلمين بأن ما يذاع عن نصرهم محض اختلاق، وظلوا يكابرون حتى رأوا الأسرى مقرنين في الأصفاد، فسُقط في أيديهم. وقد سماه الله تعالى ﴿يوم الفرقان﴾: أي بيَّن الحق والباطل.
وكذلك يأتي فتح مكة في رمضان، وذلك الفتح الذي أنهى وثنية مكة إلى الأبد لتصير موئلاً للتوحيد وعبادة الإله الواحد الأحد.
الجهاد عقد مع المؤمنين:
مع أن الله ملك الملوك، وخلق عبيده، وهو سبحانه يفعل في ملكه ما يريد، مع هذا اشترى من المؤمنين نفوسهم لنفاستها لديه، إحسانًا منه وفضلاً، وَرَقَمَ (كَتَبَ) ذلك العقد الكريم في كتابه الحكيم، فهو يقرأ أبدًا بألسنتهم ويُتلى: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم﴾ [التوبة: 111].
فجعل سبحانه هاهنا الجنة ثمنا لنفوس المؤمنين وأموالهم، وأتى بالتوكيد لذلك، وأضاف الجليل هذا العقد إلى نفسه سبحانه، وأنه هو الذي اشترى هذا المبيع، ووعد بتسليم هذا الثمن وعدا لا يخلفه.
ما هو الجهاد؟
الجهاد في اللغة: بذل ما في الوسع واستفراغ الطاقة من قول أو فعل ليبلغ مجهوده ويصل إلى نهايته.
وفي الشرع: بذل الجهد من المسلمين في قتال الكفار، والبغاة، والمرتدين ونحوهم، والجهاد ليس مرادفا للقتال أو الحرب أو أن معناه يقتصر على حمل السيوف والتضحية بالنفس في سبيل الله وإلا أصبح معنى مؤقتا بالحرب وهو ليس كذلك، والجهاد جهادان: جهاد طلب، وجهاد دفع، والمقصود منهما جميعا تبليغ دين الله ودعوة الناس إليه وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإعلاء دين الله في أرضه وأن يكون الدين لله وحده. ومن هنا تكون الدعوة إلى الله أعلى درجات الجهاد.
أنواع الجهاد
الجهاد نوعان ولكل حكمه:
1- جهاد الطلب والابتداء: وهو أن تطلب الكفار في عقر دارهم وتدعوهم إلى الإسلام وتقاتلهم إذا لم يقبلوا الخضوع لحكم الإسلام، وهذا النوع فرض كفاية على مجموع المسلمين، إذا قام به البعض سقط الوجوب عن الباقين، وإذا لم يقم به البعض أثم القادرون عليه أو قد يأثم الكل بشيء من التجوز كما يقول الإمام الشاطبي في الموافقات، فقد قال: «لكن قد يصح أن يقال إنه -أي فرض الكفاية- واجب على الجميع على وجه من التجوز لأن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة فهم مطلوبون بسدها على الجملة، فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهلا لها، والباقون وإن لم يقدروا عليها فهم قادرون على إقامة القادرين». وقد أجمع العلماء على أن جهاد الكفار وطلبهم في عقر دارهم ودعوتهم إلى الإسلام وجهادهم إن لم يقبلوه أو يقبلوا الجزية فريضة محكمة غير منسوخة.
يقول الله تعالى: ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم﴾ [التوبة:5].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله). [رواه مسلم]
وقد ذهب بعض السلف الصالح رضوان الله عليهم إلى أن جهاد الابتداء والطلب فرض عين مثل جهاد الدفع تمامًا وهذا القول مروي عن بعض الصحابة وسعيد بن المسيب.
يقول الحافظ ابن حجر: «وقد فهم بعض الصحابة من الأمر في قول الله عز وجل: ﴿انفروا خفافا وثقال﴾ [التوبة: 41] العموم. فلم يكونوا يتخلفون عن الغزو حتى ماتوا، منهم أبو أيوب الأنصاري والمقداد بن الأسود وغيرهم».
وقال أيضا: «إن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه. والراجح -والله أعلم- قول الجمهور من أنه فرض كفاية.
يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ [التوبة: 122] ، فيها أن الجهاد ليس على الأعيان وأنه فرض كفاية لما تقدم.
إذ لو نفر الكل لضاع مَنْ وراءهم من العيال، فليخرج فريق منهم للجهاد، وليقم فريق منهم يتفقهون في الدين ويحفظون الحريم، حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع. ومما يدل على أنه فرض على الكفاية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويقيم هو وسائر أصحابه.
وفي الحديث: (من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غز) [رواه مسلم] لكن هذا الفرض الكفائي قد يتحول إلى فرض عيني في صور ذكر منها العلماء:
أ- إذا عين إمام المسلمين شخصًا بعينه للجهاد.
ب- إذا كان النفير عامًا كأن يستنفر الإمام أهل قرية أو ناحية.
جـ- إذا حضر المسلم جيش المسلمين في حال قتال مع الأعداء فإنه يجب عليه الجهاد.
2- جهاد الدفع (الدفاع): وحكمه فرض عين على المسلمين عمومًا حتى يندفع شر الأعداء، وهذا بإجماع علماء الإسلام.
يقول القرطبي: إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعقر فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافًا وثقالاً شبابًا وشيوخًا، كل على قدر طاقته، من كان له أب بغير إذنه، ومن لا أب له، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج.
فإن عجز أهل تلك البلدة عن قتال عدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة.
تنبيه: أحكام الجهاد المتقدمة تكون إذا كان للمسلمين دار وسلطان، وكان بهم قوة على الجهاد، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فمراحل الجهاد على حسب الاستطاعة.
مراتب الجهاد وأنواعه:
الجهاد له أربع مراتب:
1- جهاد النفس.
2- جهاد الشيطان.
3- جهاد الكفار والمنافقين.
4- جهاد وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات.
1- جهاد النفس له أربع مراتب:
أ- جهادها على تعلم أمور الدين والهدي الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
ب- جهادها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يغيرها لم ينفعها.
جـ- جهاد على الدعوة إليه ببصيرة، وتعليمه من لا يعلمه، وإلاَّ كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.
د- جهادها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق وأن يتحمل ذلك كله لله، فمن علم وعمل وصبر فذاك يدعى عظيمًا في ملكوت السموات، قال الله تعالى: ﴿والعصر "1" إن الإنسان لفي خسر "2" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"3"﴾ [العصر:1-3].
2- جهاد الشيطان وله مرتبتان:
أ- جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.
ب- جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشهوات والإرادات الفاسدة.
فالجهاد الأول بعد التبصير، والثاني بعد الصبر.
3- جهاد الكفار والمنافقين: وله أربع مراتب:
أ- بالقلب. ب- باللسان. جـ- بالمال. د- باليد.
وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان.
4- جهاد أصحاب الظلم والعدوان، والبدع والمنكرات، وله ثلاث مراتب:
أ- باليد إذا قدر المجاهد على ذلك.
ب- فإن عجز انتقل إلى اللسان.
جـ- فإن عجز جاهد بالقلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس عند الله من كمل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد. [زاد المعاد لابن القيم]
فضل الجهاد في سبيل الله:
الجهاد في سبيل الله من أعظم ما تقرب به العباد بعد الفرائض إلى الله تعالى، لما يترتب عليه من نصر المؤمنين، وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين المعاندين الظالمين، والجهاد في سبيل الله أغلى التجارات مع ملك الملوك، الذي خزائن جوده لا يغيضها الإنفاق، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم "10" تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون "11" يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم"12"﴾ [الصف: 10- 12].
والآيات في فضل الجهاد كثيرة، منها: ﴿ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون﴾ [البقرة: 154].
وقال تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ [آل عمران: 169].
والأحاديث كثيرة: قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل العمل الصلاة لوقتها، والجهاد في سبيل الله) [صحيح الجامع]
ويكفي الجهاد فضلاً تمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألاَّ يقعد خلف سرية، ويكفي الشهادة فخرًا تمني رسول الله صلى الله عليه وسلم لها.
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي، أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي، ما قعدت خلف سرية، ولوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أُقتل). [متفق عليه]
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف).[مسلم]
وقال صلى الله عليه وسلم: (سياحة أمتي هو الجهاد في سبيل الله). [صحيح الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (أوصيك بتقوى الله تعالى، فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد، فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض). [صحيح الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله عز وجل، ورجل خرج غازيًا في سبيل الله تعالى، ورجل خرج حاجً). [صحيح الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: (غزوة في سبيل الله أو روحة، خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت). [مسلم] وقال صلى الله عليه وسلم: (موقف ساعة في سبيل الله، خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود). [صحيح الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد). [صحيح الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا سعيد، من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، وجبت له الجنة، وأخرى يُرفع بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض: الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله). [مسلم]
والأحاديث في فضل الجهاد كثيرة جدًا، وكذلك في فضل الشهادة والشهداء.
يقول صلى الله عليه وسلم: (للشهيد عند الله سبع خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلَّى حلة الإيمان، ويُزوَّج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته). [صحيح الجامع]
وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن الشهيد لا يفتن في قبره، فقال صلى الله عليه وسلم: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنةً). [صحيح الجامع]
أهداف الجهاد:
كما ذكرنا أن الجهاد جهادان: جهاد الطلب، وجهاد الدفع، والمقصود منهما جميعًا والهدف هو:
1- إعلاء كلمة الله، وتبليغ دينه، ودعوة الناس إليه، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، قال تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله﴾ [البقرة: 193]
2- نصر المظلومين، قال الله تعالى: ﴿وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهله﴾ [النساء: 75].
3- رد العدوان، وحفظ الإسلام، وحماية عقيدة التوحيد، قال تعالى: ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ [البقرة: 194].
وقال تعالى: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾ [الحج: 40]
الإعداد للجهاد:
ولا يمكن أن يكون الجهاد قويا إلا بإعداد قوتين عظيمتين:
1- قوة الإيمان والعمل الصالح، كما قال عز وجل: ﴿وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ [الروم: 47].
وقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ [محمد:7].
وقال تعالى: ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد﴾ [غافر: 51].
2- قوة الحديد وما استطاعه المسلمون من قوة مادية، قال الله تعالى: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾ [الأنفال: 60]
والإعداد يكون على حسب الظروف والأحوال ويتناول كل وسيلة يستطيعها المسلمون، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) [مسلم] فيجب على المسلمين إعداد القوات البرية، والجوية، والبحرية، بحسب استطاعتهم، وهذا يدل على وجوب الأخذ بالأسباب والعناية بها.
الجهاد ماض إلى يوم الدين يقول الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية: «الحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما».
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر».
لذا فالجهاد لن يتوقف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأنه أصل من أصول أهل السنة، ولا تزال طائفة ظاهرة على الحق قائمة به يتحقق لها ذلك بالحجة والبيان كما هو الحال بالنسبة لأهل السنة والجماعة الظاهرين على من خالفهم من أهل البدع حتى وإن تفرقوا في البلدان.
وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) [صحيح الجامع]
والحمد لله رب العالمين