تاريخ النشر : 2009-08-21
الذكرى الـ40 لإحراقه.. المسجد الأقصى لا زال أسيراًً!
يصادف اليوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر أغسطس/ أكتوبر 2009 مرور 40 عاماً على ذكرى الفاجعة الأليمة التي حلت بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بعد قيام مستوطن صهيوني حاقد بإضرام النار في المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
فبتاريخ 21/8/1969 أقدم الإرهابي اليهودي الأسترالي "دينيس مايكل" وبدعم من العصابات اليهودية المغتصبة للقدس بإحراق المسجد الأقصى المبارك في جريمة تعتبر من أكثر الجرائم إيلاما بحق الأمة مقدساتها.
وبفعل جريمة اليهودي المتطرف "دينيس مايكل" فقد أتت ألسنة اللهب المتصاعدة على أثاث المسجد المبارك وجدرانه ومنبر صلاح الدين الايوبي- ذلك المنبر التاريخي الذي أعده القائد صلاح الدين لإلقاء خطبة من فوقه لدى انتصاره وتحرير لبيت المقدس- كما أتت النيران الملتهبة في ذلك الوقت على مسجد عمر بن الخطاب ومحراب زكريا ومقام الأربعين وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالا داخل المسجد الأقصى.
وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500م2 من المساحة الأصلية البالغة 4400م2 وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
المجرم مجنون!!
وقد كانت جريمة إحراق المسجد الأقصى من أبشع الاعتداءات بحق الحرم القدسي الشريف، كما كانت خطوة يهودية فعلية في طريق بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى وكانت الكارثة الحقيقية والصدمة التي أعقبت هذا الاعتداء الآثم أن قامت محاكم الكيان الصهيوني بتبرئة ساحة المجرم الاسترالى بحجة أنه "مجنون" !! ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة!!
ويقول اليهود إن "تيطس" قد دمر الهيكل الثاني الذي يزعمون أنه كان مقاما مكان المسجد الأقصى في 21/8/70م ولذلك فإن هذا التاريخ يمثل ذكرى حزينة لديهم، كما أنه يشكل دافعاً لليهود المتطرفين لارتكاب اعتداءات ضد المسلمين وضد المسجد الأقصى للإسراع في بناء الهيكل الثالث المزعوم.
سياسة واحدة متواصلة
ومنذ الاحتلال الصهيوني الكامل لمدينة القدس عام 1967 فإن المؤسسة الصهيونية بشقيها العسكري والسياسي لم تتوقف عن تهويد مدينة القدس وطمس معالمها ومقدساتها، حيث قامت قوات الاحتلال من أجل ذلك بهدم جميع الأبنية الإسلامية والأثرية الواقعة حول المسجد الأقصى المبارك بهدف تغيير المعالم الإسلامية التي تتميز بها المدينة.
كما تضمنت الإجراءات الصهيونية شق الطرق داخل مقابر المسلمين الواقعة بالقرب من الحرم القدسي الشريف وتجريف عدد منها كمقبرة الرحمة واليوسفية إلى جانب مصادرة الأراضي والممتلكات والمنازل الفلسطينية كما حصل مؤخراً في حي الشيخ جراح الذي يتعرض لحملة ممنهجة من الصهاينة لتهجير سكانه والعمل على استجلاب متطرفين يهود للسكن في مساكن الفلسطينيين.
ولعل أخطر ما يتهدد المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام استمرار الحكومات الصهيونية المتعاقبة في سياسة الحفريات تحت أركان المسجد وقرب أساساته، مما قد يؤدي في أي لحظة إلى هدمه لا قدر الله، خاصة أمام حالة الضعف العربي المتواصلة.
الأقصى ورمضان
وكما هو معلوم فإن الفلسطينيين وخاصة أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة يشعرون بالحسرة والألم والحزن لعدم تمكنهم من الصلاة في مسجدهم بفعل سياسات الاحتلال التي تمنع كل من هو خارج القدس من الدخول إليها إلا في أوقات محددة ووسط إجراءات وقرارات مجحفة ترمي إلى حرمان المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك.
ورغم أن هذه الحسرة تكون في جميع أيام السنة إلا أنها تزداد خلال شهر رمضان المبارك من كل عام، وهذا ما كان عليه الحال لهذه السنة التي يتزامن فيها قدوم شهر الخير والبركة مع ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك.
وكما في أي عام فقد قررت سلطات الاحتلال الصهيونية فرض قيود مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية إلى الحرم القدسي الشريف، إذ أنه بموجب هذه القيود سيسمح للرجال في سن الخمسين فما فوق وللنساء في سن الخامسة والأربعين وما فوق بدخول الحرم.
لا زال هناك من ينصر الأقصى
ورغم انشغال العرب والمسلمين عن هموم فلسطين واحتلال المسجد الأقصى المبارك، إلا أن الله يسّر من يبقى شعلة لدق ناقوس الخطر باستمرار فيما يتعلق بمقدسات المسلمين أمثال شيخ الأقصى المجاهد الشيخ رائد صلاح والدكتور العلامة يوسف القرضاوي وغيرهم آخرين.
وبمناسبة ذكرى إحراق المسجد الأقصى، فقد وجه القرضاوي قبل يومين رسالة إلى وزراء الأوقاف والمفتين في الدول الإسلامية قال فيها: "تمر هذه الذكرى في هذا العام والنار في المسجد الأقصى لم تنطفئ بعد، فالكُنُس اليهودية من حوله تتزايد لتخنقه، والأنفاق والحفريات تنخرُ وتقوِّض أساساته، والمسلمون من شتى أصقاع الأرض، وحتى من الأحياء الملاصقة، يُمنعون من الوصول إليه، والمجموعات اليهودية المتطرفة تُدنِّسه في كل يوم جماعات وأفرادًا، وتقيم فيه طقوسها وتقدم قرابينها، وبرلمان الاحتلال يعقد حلقاتٍ دراسيةً خاصة ليضع خطة عملية لتقسيمه بين المسلمين واليهود، ومخطط إغلاق أجزاء واسعة من ساحاته لتخصَّص لصلاة اليهود لم يعد سرًّا، وبات وشيك التطبيق".
كما تضمنت رسالة القرضاوي دعوة إلى اتخاذ الجمعة يومًا للتضامن مع المسجد الأقصى المبارك عبر خطب وفعاليات مختلفة، مبيناً أن مؤسسة "القدس الدولية" التي يرأسها سوف تطلق حملة لنصرة الأقصى تستمر 20 يوماً تحت شعار "40 عامًا وناره تشتعل... فلنحمِ أقصانا".
وبعد مرور 40 عاماً على جريمة الصهيوني "دينيس مايكل" وما تلاها من جرائم متواصلة من الحكومات الصهيونية المتعاقبة بحق مدينة القدس بشكل عام والمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة بشكل خاص، فإن مسرى النبي المصطفى لا زال أسيراً ينتظر من يأتي ويحرره.. ولسان حاله يقول: كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنس