أهم الأخبار

فلسطينيو العراق يهاجرون إلى أوروبا من جديد بعد تزايد التهديد والاعتقال

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

المكتب الإعلامي -وكالات

تهديد وخطف وقتل واعتقال وغيرها من أساليب التنكيل، يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في العراق منذ سقوط النظام الرئاسي عام 2003 بعد الاجتياح الأميركي للعراق. وقد تفاقم هذا الوضع في الآونة الأخيرة بعد عودة الاستهداف الطائفي للفلسطينيين، والهدف كما يقول مراقبون هو الاستيلاء على مجمع البلديات؛ أكبر التجمعات الفلسطينية في العراق.

وفي وقتٍ كان فيه عدد الفلسطينيين في العراق حوالي 25 ألف لاجئ، انخفض هذا العدد بوتيرة جنونية ليصل إلى 6000 بعد احتلال العراق عام 2003، وخاصّةً بعد أحداث العنف الطائفي عام 2006 بحق الفلسطينيين.

ليعود هذا العدد وينخفض إلى نحو 3500 في الأشهر الأخيرة، بعد أن ضاق الفلسطينيون ذرعاً بتزايد الظلم والتنكيل بحقهم هناك، ليدفعهم ذلك الوضع المتردّي إلى الهجرة نحو الملاذ الأوروبي على غرار إخوانهم من فلسطينيي سورية.

وقالت دائرة الإقامة في بغداد لـ شبكة العودة الإخبارية أنّ نحو 2500 فلسطيني غادروا العراق خلال أقل من شهر، 1500 منهم خرجوا خلال العشرة أيام الأخيرة وأكثرهم من الشباب. لينعكس ذلك سلباً على نسبة الشباب الفلسطينيين المتبقين في العراق حيث بلغت 30% فقط.

 

تنكيل يضيق الخناق

في الآونة الأخيرة ادّعت بعض العشائر العراقية أنّ لديها مشاكل مالية مع إحدى اللاّجئات الفلسطينيات التي تشغل منصب مديرة روضة القدس للأطفال داخل المجمع السكني (البلديات) في بغداد وذلك من دون أيّ دليل يثبت كلامهم، حسب أحد شهود العيان.

لينتهي بهم المطاف باللجوء إلى السفارة الفلسطينية في بغداد لحلّ الموضوع الذي شملت عواقبه تهجير أكثر من 18 عائلة فلسطينية من المجمع خوفاً من التهديد الوعيد.

ولم تكتفِ تلك العشائر بالتسبب بتهجير بعض العائلات الفلسطينية من المجمّع، فقد لجأ أفرادها إلى تهديد الفلسطينيين عبر الكتابة على بعض محالّهم وشققهم عبارات «لا تباع ولا تُستأجر، مطلوب عشائرياً».

ومن أساليب التنكيل الأخرى التي تمارسها تلك العشائر بحق اللاجئين «الابتزاز المالي»، خاصّةً من أصحاب المحال التجارية الكبيرة. حيث تعرض أحد اللاجئين وهو صاحب مصنع للحلويات إلى التهديد بإغلاق مصنعه حتى يقوم بدفع مبلغٍ معينٍ من المال ليعود إلى ممارسة عمله. أو عن طريق الخطف كما حدث مع نجل أحد الممرضين في المجمّع، حيث يفرِج عنه الخاطفون بعد دفع فدية، لتكتشف عائلته حجم التعذيب الذي تعرّض له نجلها أثناء الاعتقال.

 

50 معتقلًا... والإرهاب التهمة

يقاسي اللاجئون الفلسطينيون أصعب ظروف الحياة في العراق وسط الظلم المحيط بهم من قبل الميليشيات الطائفية والأجهزة الأمنية العراقية التي لا تتورّع هي الأخرى عن اعتقال الفلسطينيّين من دون أسباب واضحة علماً أنّ مهمتها الرسمية حماية السكّان!

إذ يقبع نحو 50 معتقلاً فلسطينياً لدى الأجهزة الأمنية العراقية منذُ سنوات، ولم تصدر تلك الأجهزة بحقهم أيّة أحكام تبرّر أسباب الاعتقال حسبما صرّح ثامر مشينيش رئيس رابطة فلسطينيي العراق لشبكة العودة الإخبارية. ودائماً ما تكون التهمة الموجهة لهم «الإرهاب» حتى باتت صفة تلازم اللاجئ الفلسطيني في العراق أينما حلّ!

ومن الطريف في هذا الموضوع أنّ أحد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مدينة الموصل شمال العراق حُكِم بالسجن 20 سنة بتهمة قتل شخص «لا يزال على قيد الحياة»!

هذا بالإضافة إلى أنّ هناك 15 فلسطينياً معتقلاً، اختطفتهم المليشيات الطائفية ولم يُعرف حتى الآن مصيرهم بعد.

 

المفوضية وورقة الحماية الزائفة

عندما اشتد الأمر باللاجئين الفلسطينيين مؤخّراً، أطلقوا لأصواتهم العنان مطالبين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بغداد التدخل لمعرفة مصير أبنائهم المختطفين وتوفير محامين للدفاع عن الأبرياء في سجون الحكومة العراقية، لكنهم لم يجدوا آذاناً صاغية لهم، مما دفعهم إلى الاعتصام أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فرع بغداد، وكانت المفوضية على علم مسبق بالقرار فأغلقت أبوابها بوجه اللاجئين وبدأت بالوعود الواهية.

وقد بدأت المفوضية عملها في العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، حيث فتحت المفوضية ملفات للاجئين الفلسطينيين، وقامت بتوفير السكن لنحو 250 عائلة تم طردهم من منازلهم من قبل بعض العراقيين متذرّعين بأنّ الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان يسكّن الفلسطينيين فيها مجاناً مما دفع المفوضية إلى حلّ جزء من الموضوع.

لكن عمل المفوّضية اختفى على الأرض بعد ذلك حتى عام 2012، حيث عادت لفتح ملفات اللاجئين من جديد وإصدار ورقة حماية لهم. ويقول مشينيش «إنّ هذه الورقة عبارة عن حبر على ورق أي لا تُغني ولا تسمن من جوع» حيث أنها لا تقدّم أي خدمات من الجانب الصحّي أو التعليمي، ولم تقدّم شيئاً عندما طالب الكثير من أرباب العائلات توفير سكن للعوائل الكبيرة. فمثلاً، عندما يتزوج أحد الأبناء يضطر للإقامة مع أهله بشقة لا تزيد مساحتها عن 75 متراً مربعاً، ما يدفعه للبناء فوق سطح المنزل.

 

سفيران و3500 لاجئ يشتكون

أما فيما يتعلق بعمل السفارة الفلسطينية، فالكثير من اللاجئين لا يمتلكون رسوم إصدار جواز السلطة، كما أنّ هذه الأخيرة لم تقم بإعفائهم من الرسوم حسبما أطلعنا أحد اللاجئين الفلسطينيين النازحين من مدينة الموصل إلى مخيم بحركة في مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق.

ويقول ذلك اللاجئ الذي يسكن في مخيم بحركة أنهم عندما راجعوا القنصلية الفلسطينية في أربيل لتقديم طلب الحصول على جوازات السلطة تمت مطالبتهم بدفع الرسوم مما اضطُرّ البعض لبيع ما يملكه من مقتنيات لدفع الرسوم، والبعض قد استلف أجور الرسوم.

ويوجد نحو 65 عائلة فلسطينية نازحة إلى مدينة أربيل تعيش بدون إقامات وبدون أي وثائق، حيث طالبوا مراراً وتكراراً السفيرين الفلسطينيين في بغداد وفي أربيل مخاطبة اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين في وزارة الداخلية العراقية بتسهيل عملية تجديد إقاماتهم، خاصةً أنّ أسعار التذاكر مرتفعة جداً للوصول إلى العاصمة بغداد وتجديد الإقامة هناك.

والمفارقة هنا أنه يوجد في العراق سفيران فلسطينيان ما يعني أنّ 3500 لاجئ فقط يمثلهم هيئتان دبلوماسيتان لا تستطيعان حلّ ما تعسّر من أمور هذا العدد البسيط من اللاجئين!